قوله تعالى: ﴿قَالُوااْ إِنَّا مَعَكُمْ﴾ إنَّ واسمُها و "معكم" خبرُها، والأصل في إنَّا: إنَّنا، كقوله تعالى: ﴿إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً﴾ وإنما حُذِفَتْ إحدى نوني "إنَّ" لَمَّا اتصلت بنونِ نا، تخفيفاً، وقال أبو البقاء: "حُذِفَتِ النونُ الوسطى على القول الصحيح كما حُذِفَتْ في "إنَّ" إذا خُفِّفَتْ.
و "مع" ظرفٌ والضميرُ بعده في محلِّ خفض بإضافتِه إليه وهو الخبرُ كما تقدَّم، فيتعلَّقُ بمحذوف، وهو ظرفُ مكانٍ، وفَهْمُ الظرفيةِ منه قَلِقٌ. قالوا: لأنه يَدُلُّ على الصحبةِ، ومِنْ لازمِ الصحبةِ/ الظرفيةُ، وأمَّا كونثه ظرفَ مكانٍ فلأنه مُخْبِرٌ به عن الجثث نحو: "زيدٌ معك"، ولو كان ظرف زمانٍ لم يَجُزْ فيه ذلك. واعلَم أنَّ "مع" لا يجوزُ تسكينُ عينِها إلا في شعر كقوله:
١٩٧- وريشي مِنْكُمُ وهَوايَ مَعَكُمْ * وإنْ كانَتْ زيارتُكم لِماما
وهي حينئذٍ على ظرفِيتها خلافاً لمَنْ زَعَم أنَّها حينئذٍ حرفُ جرٍّ، وإنْ كان النحاس ادَّعَى الإجماع في ذلك، وهي من الأسماءِ اللازمةِ للإضافةِ، وقد تُقْطَعْ لفظاً فتنتصب حالاً غالِباً، تقولُ: جاء الزيدان معاً أي مصطحِبَيْنِ، وقد تقع خبراً، قال الشاعر:
١٩٨- حَنَنَْتَ إلى رَيَّا ونفسُك باعَدَتْ * مَزارَكَ مِنْ رَيَّا وشَعْبَاكُما مَعَا
(١/١٠٤)
---


الصفحة التالية
Icon