* ﴿ اللَّهُ لاا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾
قوله تعالى: ﴿لاا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ﴾: يجوزُ أَنْ تكون هذه الجملةُ خبَر الجلالة و"نَزَّل عليك" خبرٌ آخرُ، ويجوزُ أن تكونَ ﴿لاا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ﴾ معترضةً بين المبتدأ وخبرِه، ويجوزُ أن تكونَ حالاً. وفي صاحبها الاحتمالان، أحدهما: أن يكونَ الجلالةَ، والثاني: أن يكونَ الضميرَ في "نَزَّل: تقديره نَّزل عليكم الكتاب متوحِّداً بالربوبية. ذكره مكي. وأولُ الأقوال أَوْلاها.
وقرأ جمهورُ الناس: "ألم الله" بفتح الميم وإسقاطِ همزةِ الجلالةِ، واختلفوا في فتحةِ هذه الميم [علىأقوالٍ] أحُدها: أنها حركةُ التقاء سكانين، وهو مذهُب سيبويه وجمهورِ الناسِ. فإنْ قيلَ: أصلُ التقاءِ الساكنين الكسرُ فلِمَ عَدَلَ عنه؟ فالجوابُ أنهم لو كسروا لكانَ ذلك مُفْضِياً إلى ترقيقِ لامِ الجلالةِ والمقصودُ تفخيمُهاه للتعظيمِ فأُوثر الفتحُ لذلك. وأيضاً فقبلَ الميمِ ياءٌ وهي أختُ الكسرةِ، وأيضاً فقبل الياءِ كسرةٌ فلو كَسَرْنا الميمَ الأخيرةَ لالتقاءِ الساكنينِ لتوالَى ثلاثةُ متجانساتٍ فحرَّكوها بالفتحِ كما حَرّضكوا في نحو "مِنَ الله"، وأمَّا سقوطُ الهمزةِ فواضحٌ وبسقوطها التقى الساكنان.
الثاني: أنَّ الفتحةَ لالتقاءِ الساكنين أيضاً، ولكنْ السكنان هما الياء التي قبلَ الميمِ والميمُ الأخيرةُ، فحُرِّكت بالفتحِ لئلا يلتقي ساكنان، ومثلُه: أين وكيف وكَيْتَ وذَيْتَ وما أشبهه، وهذا على قولِنا إنه لم يُنْوَ الوقفُ على هذه الحروفِ المقطَّعة، وهذا بخلاِف القولِ الأولِ فإنّه مَنْوِيٌّ فيه الوقفُ على الحروفِ المقطَّعةِ فَسَكَنَتْ أواخُرها بوعدها ساكنٌ آخرُ وهو لامُ الجلالةِ، وعلى هذا القولِ الثاني ليس لإِسقاط الهمزةِ تأثيرٌ في التقاءِ الساكنين بخلافِ الأولِ فإنَّ التقاءَ السكانينِ إنما نَشَأَ مِنْ حَذْفِها دَرْجاً.
(٣/٢٢٧)
---