وقال آخرون: بل هي مشتقةٌ من "وَرَّيْتُ في كلامي" من التورية وهي التعريض. وفي الحديث: "كان إذا أراد سفراً وَرَّى بغيره" وسُمِّيَت التوراة بذلك لأنَّ أكثَرها تلوحاتٌ ومعاريضُ، وإلى هذا ذهبَ المؤرج السدوسي وجماعة.
وفي وزنها ثلاثةُ أقوالٍ أحدُها: ـ وهو قولُ الخليل وسيبويه ـ أن وزنَها فَوْعَلَة، وهذا الوزن قد وردت منه ألفاظ نحو: الدَّوْخَلة والقَوْصرة والدَّوْسَرة والصَّوْمَعَة، والأصل: وَوْرَيَة بواوين، لانها إمَّا من وَرِي الزَّنْد
ُ، وإمَّا من وَرَيْتُ في كلامي، فأُبدلت الواو الأولى تاءً وتحرَّك حرفُ العلةِ وانفتح ما قبلَه فقُلب ألفاً فصار اللفظُ: تَوْرَاة كما ترى، وكُتبت بالياءِ مُنْبَهَةً على الأصل، كما أُمليت لذلك، وقد أَبْدَلتْ العربُ التاءَ من الواو في ألفاظ نحو: تَوْلَج وتَيْقور وتُخَمَة وتُكَأَة وتُراث وتُجاه وتُكْلان من: الوُلوج والوَقار والوَخَامة والوِكاء والوِراثة والوَجْه والوَكالة. ونظيرُ إبدال الواو تاءً في التوراة إبدالُها أيضاً في قولهم لِما تَراه المرأة في الطهر بعد الحيض: "التَّرِيَّة" هي فَعِيْلَة من لفظ الوراء لأنها تُرى بعد الصُّفْرَة والكُدْرَة.
الثاني: ـ وهو قولُ الفراء ـ أن وزنَها تَفْعِلَة بكسر العين، فأُبْدِلَت الكسرةُ فتحةً، وهي لغةٌ طائية، يقولون في الناصية: ناصَاة، وفي بَقِي: بَقَى قال الشاعر:
١١٥٩ـ.................... * بحِرْبٍ كناصاة الأغَرِّ المُشَهَّرِ
وقال آخر:
١١٦٠ـ.................... *... نفوساً بُنَتْ على الكَرَمِ
وأنشد الفراء:
١١٦١ـ وما الدنيا بباقاةٍ علينا * وما حيٌّ على الدنيا بباقٍ
(٣/٢٣٨)
---


الصفحة التالية
Icon