وقيل: من النَّجَل وهو التوسِعَة، ومنه: العَيْنُ النجلاءُ لسَعَتها، وسُمِّي الإنجيلُ بذلك؛ لأن فيه توسعةً لم تَكن في التوراة، إذ حُلِّل فيه أشياءُ كانت مُحَرَّمةً.
وقيل: هو مشتقٌّ من التَناجل وهو التنازُع، يقال: تَنَاجل الناسُ أي: تنازعوا، وسُمِّي الإِنجيلُ بذلك لاختلاف الناسِ فيه قاله أبو عمرو الشيباني.
والعامَّةُ على كَسْرِ الهمزةِ من "إنجيل". وقرأ الحسنُ بفتحِها. قال الزمخشري: "وهذا يَدُلُّ على أنه أعجمي لأنَّ "أفعيلا" بفتح الهمزة عديمٌ في أوزان العرب". قلت: بخلاف إفعيل بكسرها فإنه موجود نحو: إِجْليل وإخْريط وإصْليت.
وفَرَّق الزمخشري بين "نَزَّل" و"أنزل" على عادتِه فقال: "فإنْ قلت: لِمَ قيل: نَزَّل الكتابَ، وأنزل التوراة والإِنجيل؟ قلت: لأن القرآن نَزَل منجَّماً ونَزَل الكتابان جملةً". قال الشيخ: "قد تقدَّم الردُّ عل هذا القول في البقرة، وأنَّ التعديةَ بالتضعيف لا تَدُلُّ على التكثير ولا على التنجيم، وقد جاء في القرآن: أَنْزَل ونَزَّل، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ و﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ ويدلُّ على أنهما بمعنى واحد قراءةُ مَنْ قرأ ما كان من "يُنَزِّلُ" مشدداً بالتخفيف إلا ما استُثْنِيَ، ولو كان أحدُهما يدلُّ على التنجيم والآخر على النزولِ دفعةً واحدةً لتناقض الإِخبار وهو مُحالٌ". قلت: وقد سَبَقَ الزمخشري إلى هذا الفرقِ بعينِه الواحديُّ.
* ﴿ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾
(٣/٢٤٠)
---


الصفحة التالية
Icon