* ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
قوله تعالى: ﴿فِي الأَرْحَامِ﴾: يجوزُ أن يتعلَّق بَيُصَوِّرُكم وهو الظاهُر، ويجوز أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من مفعولٍ "يُصَوِّركم" أي: يُصَوِّركم وأنتم في الأرحامِ مُضَغُ.
وقرأ طاووس: "تَصَوَّركم" فعلاً ماضياً ومعناه صَوَّركم لنفسِه ولتعبُّدِه، وتَفَعَّل يأتي بمعنى فَعَّل كقولهم: "تأثَّلْثُ مالاً وأثَّلته" أي جعلتُه أَثْلَةً أي أصلاً، ونحُوه: وَلَّى وتَوَلَّى. والتصويرُ: تَفْعِيل من صارَه أي: أماله وثَنَاه، ومعنى صَوَّره أي: جعل له صورةً. والصورة: الهيئة يكون عليها الشيءُ من تأليفٍ خاصٍ وتركيبٍ منضبطٍ.
قوله: ﴿كَيْفَ يَشَآءُ﴾ في هذه الآية أجهٌ، أظهُرها: أن "كيف" للجزاءِ، وقد جُوزي بها في لسانهم في قولِهم: "كيفَ تَصْنَعُ أصنعُ، وكيف تكونَ أكونُ" إلا أنه لا يجزم بها، وجوابُها محذوفٌ لدلالةِ ما قبلَها، وكذلك مفعولٌ "يشاء" لِما تقدَّم أنه لا يُذْكَرُ إلا لغرابةٍ، والتقديرُ: كيف يشاء تصويرَكم يصوِّرَكم، فَحُذِف "تصوريكم" لأ، ه مفعولُ يشاء، و"يصوركم" لدلالة "يصوركم" الأول عليه، ونظيره قولُهم: "أنت ظالم إنْ فعلْتَ" تقديره: أنت ظالم إن فعلت فأنت ظالم. وعند مَنْ يُجيز تقديمَ الجزاء في الشرط الصريح يَجْعَلُ "يصوِّركم" المتقدم هو الجزاء.
(٣/٢٤٣)
---