قوله تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ﴾: يجوزُ أن تكونَ "آيات" رفعاً بالابتداء والجارُّ خبُره. وفي الجملةِ على هذا وجهان، أحدهما: أنها مستأنفةٌ. والثاني: أنها في محلِّ نصب على الحال من "الكتاب" أي: هو الذي أنزل الكتاب في هذه الحال أي: منقسماً إلى مُحْكَم ومتشابه، ويجوز أن يكونَ "منه" هو الحالَ وحدَه، و"آياتٌ" رفع به على الفاعلية.
و﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ يجوز أن تكونَ الجملةُ صفةً للنكرة قبلها، ويجوز أن تكمونَ مستأنفةً، وأخْبرة بلفظ الواحد وهو "أمُّ" عن جمع، وهو "هُنَّ": إمَّا لأن المراد كلُّ واحدةٍ منه أمُّ، وإمَّا لأنْ المجموعَ بمنزلةِ آيةٍ واحدة كقوله: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾، وإما لأنه مفردٌ واقعٌ موقعَ الجمعِ كقوله: ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ و:
١١٦٣ـ كُلوا في بعضِ بطنِكُمُ تَعِفُّوا *...................
[وقوله]:
١١٦٤ـ.......................... * وأمَّا جِلْدُها فَصَلِيب
[وقال الأخفشْ: "وَحَّد "أمَّ الكتاب" بالحكاية على تقديرِ الجواب كأنه قيل: ما أمُّ الكتاب؟"] فقال: هُنَّ أمُّ الكتاب، كما يقال: مَنْ نظير زيد؟ فيقول قوم: "نحنُ نظيرُه" كأنهم حَكَوا ذلك اللفظَ، وهذا على قولهم: "دعني من تمرتان" أي: مِمَّا يقال له تمرتان". قال ابن الأنباري: "وهذا بعيدٌ من الصواب في الآية، لأن الإضمارَ لم يَقُمْ عليه دليلٌ، ولم تَدْعُ إليه حاجةٌ" وقيل: لأنه بمعنى أصلِ الكتابِ والأصلُ يُوَحَّدُ.
(٣/٢٤٥)
---