أعربوا "شِق" مبتدأً و "عندنا" خبرَه، و "لم يُحَوَّل" جملةً حاليةً مؤكِّدةً، قالوا: وجاز الابتداءُ بالنكرةِ لأنه موضعُ تفصيل، وأبَوْا أن يَجْعلوا "لم يُحَوَّل" خبراً، و "عندنا" لأنه إذا كان عندَه عُلِم منه أنه لم يُحَوَّل، وقد أعربَه أبو البقاء كذلك، وهو مردودٌ بما ذكرْتُ لك.
ويجوز إذا جَعَلْنا "لا يُبْصِرون" هو المفعولَ الثانيَ ان يتعلَّقَ "في ظلمات" به أو بـ "تَرَكهم"، التقدير: "وتَرَكهم لا يُبْصرون في ظلماتٍ". وإن كان "تَرَكَ" متعدياً لواحد كان "في ظلمات" متعلَّقاً بتَرَكَ، و "لا يُبْصرون" حالٌ مؤكِّدة ويجوز أن يكونَ "في ظلمات" حالاً من الضمير المنصوب في "تَرَكهم" فيتعلَّقَ بمحذوفٍ و "لا يَبْصرون" حالٌ أيضاً: إمَّا من الضميرِ المنصوب في "تَرَكَهم" فيكونُ له حالان/ ويجري فيه الخلافُ المتقدمُ، وإمَّا مِنَ الضميرِ المرفوعِ المستكنِّ في الجارِّ والمجرور قبلَه فتكونُ حالَيْنِ متداخلتين.
* ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾
الجمهورُ على رَفْعَهاعلى أنها خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أي: هم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ، ويَجيء فيه الخلافُ المشهورُ في تعدُّدِ الخبرِ، فَمَنْ أجازَ ذلك حَمَلَ الآيةَ عليه من غير تأويلٍ، ومَنْ مَنَعَ ذلك قال هذه الخبارُ وإن تعدَّدتْ لفظاً فهي متَّحِدَةٌ معنًى، لأنَّ المعنى: هم غيرُ قائلين للحقِّ بسبب عَماهم وصَمَمِهم، فيكون من باب: "هذا حُلوٌ حامِضٌ" أي مُزٌّ، و "هو أَعْسَرُ يَسَرٌ" أي أَضْبَطُ، وقول الشاعر:
٢٢٣- ينامُ بإحدى مُقْلَتَيْهِ ويتَّقي * بأخرى المَنايا فهو يَقْظانُ هاجِعُ
(١/١١٩)
---