وقرى: "وخالِقٌ وباثٌّ" بلفظِ الفاعل. وخَرَّجه الزمخشري على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: وهو خالقٌ وباثٌّ. يقال: بَثَّ وأَبَثَّ بمعنى "فَرَّق" ثلاثياً ورباعياً.
وقوله: ﴿كَثِيراً﴾ فيه وجهان، أظهرُهما: أنه نعتٌ لـ"رجالاً" قال أبو البقاء: "ولم يؤنِّثْه حَمْلاً على المعنى، لأنَّ "رجالاً" عدد أو جنس أو جمع، كما ذكَّر الفعلَ المسندَ إلى جماعة المؤنث كقوله: ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ﴾. والثاني: أنه نعت لمصدر تقديره: وبث منهما بَثّاً كثيراً. وقد تقدم أن مذهب سيبويه في مثله النصبُ على الحال. فإن قيل: لِم خَصَّ الرجالَ بوصفِ الكثرة دون النساء؟ ففيه جوابان، أحدُهما: أنه حَذَفَ صفتَهنْ لدلالةِ ما قبلها عليها [أي]: ونساءً كثيرة. والثاني أنَّ الرجال لشهرتِهم يناسِبُهم ذلك بخلافِ النساء فإنَّ الألْيَقَ بهنَّ الخمولُ والإِخفاء.
قوله: ﴿تَسَآءَلُونَ﴾ قرأ الكوفيون: "تَساءلون" بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين تخفيفاً، والأصل: تَتَساءلون، وقد تقدَّم لنا الخلاف: هل المحذوفٌ الأولى أو الثانية؟ وقرأ الباقون بالتشديد على إدغام تاء التفاعل في السين لأنها مقارِبَتُها في الهمس، ولهذا تُبْدَلُ من السين قالوا: "ست" والأصل: "سِدْسٌ".
وقرأ عبد الله: "تَسْأَلون" من سأل الثلاثي. وقرىء "تَسَلون" بنقل حركة الهمزة على السين.
و"تَساءلون" على التفاعل فيه وجهان، أحدهما: المشاركة في السؤال. والثاني: أنه بمعنى فَعَل، ويَدُلُّ عليه قراءة عبدالله. قال أبو البقاء: "ودخَل حرف الجر في المفعول لأن المعنى: تتحالفون" يعن: أن الأصل كان تعدية "تسألون" إلى الضمير بنفسِه، فلما ضُمِّن معنى "تتحالفون" عُدِّي تَعْدِيَتَه.
(٤/٣١٤)
---