قوله: ﴿مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ﴾ مفعولُه محذوفٌ أي: فَمَنْ لم يجِدْ رقبة، وهي بمعنى وجدان الضالّ، فلذلك تَعَدَّتْ لواحدٍ. وقوله: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾ ارتفاعُه على أحدِ الأوجه المذكور في قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ وقد مَرَّ. أي: فعليه صيامُ أو: فيجبُ عليه صيام أو فواجبُه صيام. قال أبو البقاء: "ويجوزُ في غير القرآن النصبُ على "فليصم صومَ شهرين". وفيه نظرٌ لأنَّ الاستعمالَ المعروفَ في ذلك أَنْ يُقالَ" "صمتُ شهرين ويومين" ولا يقولون: صمتُ صومَ - ولا صيامَ - شهرين.
قوله: ﴿تَوْبَةً﴾ في نصبه ثلاثة أوجه، أحدهم: أنهما مفعول من أجله تقديره: شَرَعَ ذلك توبةً منه. قال أبو البقاء: "ولا يجوز أن يكون العامل "صوم" إلا على حذف مضاف، أي: لوقوعِ توبة أو لصحول توبة" يعني أنه إنما احتاج إلى تقدير ذلك المضاف ولم يقل إن العامل هو الصيام؛ لأنه اختلَّ شرطٌ من شروطِ نصبه؛ لأنَّه فاعلَ التوبة. الثاين: أنها منصوبةً على المصدر أي: رجوعاً منه إلى التسهيل حيث نَقَلكم من الأثقلِ إلى الأخفِّ، أو توبة منه أي: قَبُولاً منه، مِنْ تاب عليه إذا قَبِل توبته، فالتقدير: تابَ عليكم توبةً. الثالث: أنها منصوبةٌ على الحال ولكن على حذف مضافٍ تقديرُه: فعليه كذا حالَ كونِه صاحبَ توبةٍ، ولا يجوز ذلك من غير تقدير هذا المضافِ لأنك لو قلتَ: "فعليه صيامُ شهرين تائباً من الله" لم يَجُزْ "ومِن الله" في محلِّ نصبٍ لأنه صفةٌ لـ "توبة" فيتعلَّقُ بمحذوف.
* ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ﴾
(٥/٩٤)
---


الصفحة التالية
Icon