والثاني: أنها حالٌ. قال أبو البقاء: "حالٌ مبيِّنة عن معنى الاستضعاف" قلت: كأنه يشير إلى المعنى الذي قَدَّمتْهُ في كونها جواباً لسؤال مقدر. والثالث: أنها مفسرةٌ لنفسِ المستضعفين؛ لأنَّ وجوه الاستضعاف كثيرة فبيَّن بأحد محتملاِته كأنه قيل: إلا الذين استُضْعِفوا بسبب عجزهم عن كذا وكذا. والرابع: أنها صفة للمستضعفين أو للرجال ومَنْ بعدَهم، ذكره الزمخشري، واعتذر عن وَصْف ما عُرِّف بالألف واللام بالجمل التي في حكم النكرات بأن المُعَرَّف بهما لما لم يكن مُعَيَّناً جاز ذلك فيه كقوله:
١٦٤٢- ولقد أَمُرُّ على اللئيم يَسُبُّني *.....................
وقد قَدَّمْتُ تقرير المسألة مراراً.
* ﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾
و ﴿مُهَاجِراً﴾: نصبٌ على الحال من فاعل "يَخْرج" قوله: ﴿ثُمَّ يُدْرِكْهُ﴾ الجمهورُ على جزم "يدركْه" عطفاً على الشرط قبله، وجوابه "فقد وقع"، وقرأ الحسن البصري بالنصب. قال ابن جني: "وهذا ليس بالسهل وإنما بابُه الشعر لا القرآنُ وأنشد:
١٦٤٣- وسأترُكُ منزيل بني تميم * وألحقُ بالحجازِ فاستريحا
والآيةُ أقوى من هذا لتقدُّم الشرط قبل المعطوف"، يعني أن النصب بإضمار "أن" إنما يقع بعد الواو والفاء في جواب الأشياء الثمانية أو عاطفٍ، على تفصيلٍ موضوعه كتب النحو، والنصبُ بإضمار "أن" في غير تلك المواضع ضرروةٌ كلابيتِ المتقدم، وكقول الآخر:
١٦٤٤-............... * ويَأْوي إليها المستجيرُ فيُعْصَما
(٥/١٠٢)
---


الصفحة التالية
Icon