}. وهذا الوجه لا يكاد يَصِحُّ إذ يصير المعنى: أأتخذ غيرَ الله وليَّاً فاطر السموات إلى آخره، فيصفُ ذلك الولي بأنه فاطر السموات. وقرأ الزهري: "فَطَرَ" على أنه فعل ماضٍ وهي جملة في محل نصب على الحال من الجلالة كما كان "فاطر" صفتها في قراءة الجمهور. ويجوز على رأي أبي البقاء أن تكون صفة لـ "ولياً. ولا يجوز أن تكون صفةً للجلالة، لأن الجملة نكرة.
والفَطْر: الشَّقُّ مطلقاً، وقيَّده الراغب بالشق وقيَّده الواحدي بشَقِّ الشي عند ابتدائه. والفَطْر: الإبداع والاتخاذ على غير مثال، ومنه "فاطر السموات" أي أوجدها على غير مثالٍ يُحتذى. وعن ابن عباس: "ما كنت أدري ما معنى فَطَر وفاطِر، حتى اختصم إليَّ أعرابيان في بئر فقال أحدهما: "أنا وانفطر انفطاراً وفَطَرْتُ الشاة: حَلَبْتُها بأصبعين، وفَطَرْت العجين: خبزته مِنْ وقته، وقوله تعالى: ﴿فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ إشارةً منه إلى ما فَطَر أي أبدع وركَّز في الناس من معرفته، ففطرةُ الله ام رُكِّز من القوة المُدْرِكة لمعرفته، وهو المشار إليه بقوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ وعليه: "كلُّ مولودٍ يَوْلَدُ على الفطرة..." الحديث، وهذا أحسنُ ما سمعت في تفسير "فطرة الله" في الكتاب والسنة.
قوله: ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ﴾ القراءة المشهورة ببناء الأول للفاعل والثاني للمفعول، والضمير لله تعالى، والمعنى: وهو يَرْزق ولا يُرْزَق، وهو موافقٌ لقوله تعالى: ﴿مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ﴾ وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد بن جبر والأعمش وأبو حيوة وعمرو بن عبيد وأبو عمرو بن العلاء في رواية عنه: "ولا يَطْعَمُ" بفتح الياء بمعنى ولا يأكل، والضمير لله تعالى.
(٦/١٤٧)
---


الصفحة التالية
Icon