قوله: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوااْ﴾ في محله أربعة أوجه، أظهرها: أنه مبتدأ، وخبره الجملة من قوله: ﴿فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ ودخلت الفاء لما عَرَفْتَ من شبه الموصول بالشرط. الثاني: أنه نعت للذين آتيناهم الكتاب. قال الزجاج الثالث: أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هم الذين خسروا. الرابع: أنه منصوبٌ على الذم، وهذان الوجهان فرعان على النعت لأنهما مقطوعان عنه، وعلى الأقوال الثلاثة الأخيرة يكون ﴿فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ من باب عَطْفِ جملة اسمية على مثلها، ويجوز أن يكونَ عطفاً على "خسروا" وفيه نظرٌ من حيث إنَّه يؤدِّي إلى ترتُّب عدم الإيمان على خسرانهم. والظاهر أن الخُسْران هو المترتِّبُ على عدم الإيمان، وعلى غيره خاصاً بأهل الكتاب، والتقدير: الذين خسروا أنفسهم منهم أي: من أهل الكتاب.
واسْتُشْكِل على كونه نعتاً الاستشهادُ بهم على كفار قريش وغيرهم من العرب، يعني كيف يُسْتشهد بهم ويُذَمُّون في آية واحدة؟ فقيل: إن هذا سِيق للذمِّ لا للاستشهاد. وقيل: بل سيق للاستشهاد وإن كان في بعض الكلام ذمٌّ لهم، لأنه ذلك بوجهين واعتبارين. قال ابن عطية: "فصَحَّ ذلك لاختلاف ما استشهد بهم فيه وما ذُمُّوا فيه، وأنَّ الذمَّ والاستشهاد ليسا من جهة واحدة".
* ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾
(٦/١٦١)
---