١٨٨١- فمضى وقدَّمها وكانت عادةً * إذا هي عَرَّدَتْ إقدامُها
قال أبو علي: "فأنَّث الإقدام لما كان العادة في المعنى" قال: "وقد جاء في الكلام: "ما جاءت حاجتَك" فأنّث ضمير "ما" حيث كانت الحاجة في المعنى، ولذلك نصب "حاجتك". وقال الزمشخري: "وإنما أنَّث "أن قالوا" لوقوع الخبر مؤنثاً كقولهم: من كانت أمَّك".
وقال الشيخ: "وكلام الزمخشري مُلَفَّقٌ من كلام أبي علي، وأمَّا "من كانت أمَّك" فإنه حَمَلَ اسمَ "كان" على معنى "مَنْ" فإن لها لفظاً مفرداً مذكراً، ولها معنى بحسب ما تريد من إفارد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث، وليس الحَمْلُ على المعنى لمارعاة الخبر، ألا ترى أنه يجيء حيث لا خبر، كقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾ [وقوله]:
١٨٨٢-............... * نكن مثلَ مَنْ يا ذئب يَصْطحبان
قلت: ليت شعري ولأي معنى خصَّ الزمخشريَّ بهذا الاعتراض فإنه وراد على أبي علي أيضاً؟ إذ لقائلٍ أن يقول: التأنيث في "جاءت" للحمل على معنى "ما" فإن لها هي أيضاً لفظاً ومعنى مثل "مَنْ" على أنه يقال: للتأنيث علَّتان، فذكرا إحداهما.
ورجَّح أبو عبيد قراءَة الأخوين بقراءة أُبَيّ وبان مسعود: "وما كان فتنتُهم إلا أن قالوا" فلم يُلْحِقْ الفعلَ علامةَ تأنيث. ورجَّحها غيره بإجماعهم على نصب "حُجَّتَهم" من قوله تعالى: ﴿مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ﴾ وقرئ شاذاً: {ثم لم يكنْ فتنتُهم إلا أن قالوا" بتذكير "يكنْ" ورفع "فتنتهم" ووجهُ شذوذِها سقوطُ علامةً التأنيث والفاعلُ مؤنثٌ لفظاً وإن كان غيرَ حقيقي، وجَعْلُ غير الأعرف اسماً والأعرفِ تأخيرُه لحَصْره سواء أجُعِلَ اسماً أم خبراً.
(٦/١٦٤)
---


الصفحة التالية
Icon