وإن كانت العِلْميَّةَ التي ضُمِّنَتْ معنى "أخبرني" اختصَّتْ بأحكامٍ أُخَرَ منها: أنه يجوز تسهيل همزتها بإبدالها ألفاً، وهي مَرْوِيَّةٌ عن نافع من طريق ورش، والنحاةُ يَسْتَضْعِفُون إبدالَ هذه الهمزةِ ألفاً، بل المشهورُ عندهم تسهيلُها بين بين، وهي الرواية المشهورة عن نافع، لكنه قد نَقَل الإبدالَ المحض قطربٌ وغيرُه من اللغويين. قال بعضهم: "هذا غَلَطٌ غُلِطَ عليه" أي على نافع. وسببُ ذلك أن يؤدِّي إلى الجمع بين ساكنين فإن الياء بعدها ساكنة. ونقل أبو عبيد القاسم بن سلام عن أبي جعفر ونافع وغيرهما من أهل المدينة أنهم يُسْقطون الهمزة، ويَدِّعون أن الألف خَلَفٌ منها. قلت: وهذه العبارة تُشْعر أن هذه الألف ليست بدلاً عن الهمزة، بل جيء با عوضاً عن الهمزة الساقطة.
وقال مكي، بن أبي طالب: "وقد رُوي عن ورش إبدالُ الهمزة ألفاً، لأن الرواية عنه أنه يَمُدُّ الثانية، والمدُّ لا يتمكَّن، إلا مع البدل، وحسَّن جوازُ البدلِ في الهمزة وبعدها ساكنٌ أنَّ الأولَ حرفُ مَدّولين، فإن هذا الذي يحدث مع السكون يقومُ مقامَ حركةٍ يُتَوَصَّلُ بها إلى النطق بالساكن" وقد تقدَّم لك شيءٌ من هذا عند قوله "أأنذرتهم". ومنها: أن تُخْذَفَ الهمزة التي هي عين الكلمة، وبها قرأ الكسائي، وهي فاشيةٌ نظماً ونثراً، فَمِنَ النظم قوله:
١٩١١- أرَيْتَ ما جاءت به أُمْلُودا * مُرَجَّلاً ويلبسُ البُرودا
أقائِلُنَّ أحضِروا الشهودا
وقال آخر:
١٩١٢- أرَيْتُكَ إذ هُنَّا عليك الم تَخَفْ * رقيباً وحولي مِنْ عَدُوِّك حُضَّرُ
وأنشد الكسائي لأبي الأسود:
١٩١٣- أَرَيْتَ امرأً كنت لم أَبْلُهُ * أتاني فقال اتَّخِذْني خليلا
(٦/٢٠٦)
---


الصفحة التالية
Icon