ومنها: أنه لا يدخلها تعليقٌ ولا إلغاء لأنها بمعنى أخبرني، و"أخبرني" لا يُعَلَّقُ عند الجمهور. قال سيبويه: "وتقول: أَرَأَيْتَك زيداً أو مَنْ هو؟ لا يَحْسُنُ فيه إلا النصبُ في "زيد" ألا ترى أنك لو قلت: "أرأيت أو مَنْ انت؟" لم يحسن، لأن فيه معنى أخبرني عن زيد، وصار الاستفهامُ في موضع المفعول الثاني" وقد خالف سيبويه غيرَه من النحويين وقالوا: كثيراً ما تُعَلَّق "أرأيت" وفي القرآن من ذلك كثيرٌ، واستدلُّوا بهذه الآية التي نحن فيها، وبقوله: ﴿أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَم﴾ وبقوله:
١٩١٨- أرَيْتَ ما جاءَتْ به أملودا
وهذا لا يَرِد على سيبويه، وسيأتي تأويل ذلك قريباً.
ومنها: أنها تَلْحَقُها التاءُ فَيُلْتَزَمُ إفرادها وتذكيرها ويستغنى عن لحاق علامة الفروع بها بلحاقها بالكاف بخلاف التي لم تُضَمَّن معنى "أخبرني" فإنها تطابق فيها - كما تقدَّم - ما يُراد بها.
ومنها: أنه يَلْحَقُها كافٌ هي حرفُ خطاب تطابق ما يُراد بها من إفراد وتذكير وضدَّيهما. وهل هذه التاء فاعل والكاف حرف خطاب تُبَيِّن أحوالَ التاء، كما تُبَيِّنه إذا كانت ضميراً، أو التاء حرف خطاب والكاف هي الفاعل، واستغير ضميرُ النصبِ في مكان ضمير الرفع، أو التاءُ فاعلٌ أيضاً، والكاف ضمير في مضوع المفعول الأول؟ ثلاثة مذاهبَ مشهورة، الأولُ قولُ البصريِّين، والثاني قول الفراء، والثالثُ قولُ الكسائي. ولنقتصر على بعضِ أدلةِ كلِّ فريق.
(٦/٢٠٨)
---


الصفحة التالية
Icon