١٩١٩- لقد كان لي عن ضَرَّتَيْنِ عَدِمْتُني * وعَمَّا أُلاقي منهما مُتَزَحْزِحُ
والعرب تقول: عَدِمْتني ووَجَدْتُني وفَقَدْتُني وليس بوجه الكلام" انتهى.
واعلم أن الناس اختلفوا في الجملة الاستفهامية الواقعة بعد المنصوب بأرأيتك نحو: أرأيتك زيداً ما صنع؟ فالجمهور على أن "زيداً" مفعول أول، والجملة بعده في محصل نصب سادَّةً مَسَدَّ المفعول الثاني. وقد تقدم أنه لا يجوز التعليق فيه هذه وإن جاز في غيرها من أخواتها نحو: علمت زيداً أبو مَنْ هو؟ وقال ابن كَيْسان: "إن الجملة الاستفهامية في رأيتك زيداً ما صنع بدل من أرأيتك" وقال الأخفش: "إن لا بد بعد "أرأيت" التي بمعنى أخبرني من الاسم المستَخْبَرِ عنه، ويلزمُ الجملةَ التي بعده الاستفهامُ لأن "أخبرني" موافق لمعنى الاستفهام" وزعم أيضاً أنها تخرج عن بابها فتكون بمعنى "أما" أو "تنبَّه"، وحينئذ لا يكون لها مفعولان ولا معفول واحد، وجعل من ذلك: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾. وهذا ينبغي أن لا يجوز لأنه إخراج للَّفْظَة عن موضوعها من غير داعٍ إلى ذلك.
إذا تقرَّر هذا فليُرْجع إلى الآية الكريمة فنقول وبالله التوفيق: اختلف الناس في هذه الآية على ثلاثة أقوال، أحدُها: أن المفعولَ الأولَ والجملةَ الاستفهامية لاتي سَدَّت مَسَدَّ الثاني محذوفان لفهم المعنى، والتقدير: أرأيتكم عبادتكم الأصنام هل تنفعُكم" أو اتِّخاذَكم غيرَ الله إلهاً هل يَكْشِفُ ضُرَّكم؟ ونحو ذلك: فعبادَتَكُمْ أو اتِّخاذَكم مفعول أول، والجملة الاستفهامية سادَّةٌ مَسَدةٌ مَسَدَّ الثاني: والتاء هي الفاعل، والكاف حرف خطاب.
(٦/٢١٣)
---