قوله: ﴿أَهَاؤُلااءِ﴾ يجوز في وجهان، أظهرهما: أنه منصوب المحل على الاشتغال بفعلٍ محذوفٍ يُفَسِّره الفعل الظاهر، العامل في ضمير بوساطة "على"، ويكون المفسِّر من حيث المعنى مَنَّ عليهم، ولا محلَّ لقوله: ﴿مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم﴾ لكونها مفسرة، وإنما رجَّح هنا إضمار الفعل لأنه وقع بعد أداةٍ يغلب إيلاءُ الفعلِ لها. والثاني: أنَّه مرفوع لامحل على أنه مبتدأ والخبر: مَنَّ الله عليهم، وهذا وإن كان سالماً من الإضمار الموجود في الوجه الذي قبله، إلا أنه مرجوحٌ لما تقدم، و"عليهم" متعلِّقٌ بـ "مَنَّ".
و﴿مِّن بَيْنِنَآ﴾ يجوز أن يتعلَّق به أيضاً، قال أبو البقاء: "أي: ميَّزهم علينا، ويجوز أن يكون حالاً" قال أبو البقاء أيضاً: "أي: مَنَّ عليهم منفردين، وهذان التفسيران تفسيرا معنى لا تفسيرا إعراب، إلاأنه لم يَسُقْهما إلا تفسيرَيْ إعراب، والجملة من قوله: ﴿أَهَاؤُلااءِ مَنَّ اللَّهُ﴾ في محلِّ نصب بالقول.
وقوله: ﴿بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ الفرق بين التاءين أو الأولى لا تعلُّق لها لكونها زائدةً في خبر ليس، والثانية متعلقة بأعلم، وتَعدِّي العِلءم بها لِما ضُمِّن من معنى الإحاطة، وكثيراً ما يقع ذلك في عبارة العلماء فيقولون: عَلِم بكذا، والعِلْم بكذا، لما تقدم.
* ﴿ وَإِذَا جَآءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُواءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
(٦/٢٣٧)
---


الصفحة التالية
Icon