والهاء في "أنَّه" ضمير الأمر والقصة. و"مَنْ" يجوز أن تكون شرطيةً وأن تكون موصولة، وعلى كل تقدير فهي مبتدأَةٌ، والفاءُ وما بعدها في محل جزم جواباً إن كانت شرطاً، وإلاَّ ففي محلِّ رفعٍ خبراً إن كانت موصولة، والعائد محذوف أي: غفول له. والهاء في "بعده" يجوز أن تعود على "السوء" وأن تعود على العمل المفهوم من الفعل كقوله: ﴿اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ﴾ والأولى أولى لأنه أصرح، و"منكم" متعلِّقٌ بمحذوف إذ هو حالٌ من فاعل "عمل"، ويجوز أن تكون "مِنْ" للبيان فيعمل فيها "أعني" مقدراً.
وقوله ﴿بِجَهَالَةٍ﴾ فيه وجهان، أحدهما: أنه يتعلَّق بـ "عمل" على أن الباءَ للسببيةِ أي: عملُه بسبب الجهل. وعَبَّر أبو البقاء في هذا الوجه عن ذلك بالمفعول به وليس بواضح. والثاني - وهو الظاهر - أنها للحال أي: عملُه مصاحباً للجهالة. "ومِنْ" في "مِنْ بعده" لا بتداء الغاية.
* ﴿ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ﴾: الكاف أمرُها واضحٌ من كونها نعتاً لمصدر محذوف أو حالاً من ضمير ذلك المصدر كما هو رأي سيبويه، والإشارة بـ "ذلك" إلى التفصيل السابق، تقديره: مثل ذلك التفصيل البيِّن، وهو ما سَبَقَ من أحوال الأمم نفصِّل آيات القرآن. وقال ابن عطية: "والإشارة بقوله "وكذلك" إلى ما تقدَّم، من النَّهْي عن طَرْد المؤمنين وبيان فساد منزع المعارضين لذلك، وتفصيل الآ يات تبيينُها وشَرْحُها". وهذا شبيهٌ بما تقدم له في قوله: ﴿وَكَذالِكَ فَتَنَّا﴾ وتقدَّم أنه غير ظاهر.
(٦/٢٤٣)
---