والبيتُ لطُفَيل الغَنَويّ، يُروى برَفْع "عود" وها هو المشهور عند النحاة، ورفعُهُ على إعمال الأولِ وهو "تُنُخِّل" وإهمال الثاني وه و"فاستاكَتْ" فأعطاه ضميرَه، ولو أَعْمَلَه لقال: "فاستاكَتْ بعود إسحل" ولا يمكن لانكسار البيت، والروايةُ الأخرى التي استشهد بها ضعيفةٌ جداً لا يعرفها أكثر المُعْربين، ولو استشهد بنا لا خلاف فيه كقوله:
١٩٥٢- على حالةٍ لو أن في القوم حاتِماً * على جوده لضَنَّ بالماءِ حاتمِ
بجرِّ "حاتم" بدلاً من الهاء في "بجوده" والقوافي مجورة لكان أَوْلَى والإبسال: الارتهان، ويقال: أَبْسَلْتُ ولدي وأهلي أي ارْتَهَنْتُهُمْ قال:
١٩٥٣- وإبسالي بَنِيَّ بغير جُرْمٍ بَعَوْناه ولا بدمٍ مُراق
بَعَوْنا: جَنَيْناَ، والبَعْوُ: الجناية. وقيل: الإبسال: أن يُسْلِمَ الرجل نفسه للهلكة.
وقال الراغب: "البَسْلُ: ضَمُّ الشيء ومَنْعُه، ولتضمُّنهِ معنى المنع قيل للمُحَرَّم والمرتَهَن: "بَسْلٌ" ثم قال: "والفرقُ بين الحرام والبَسْل أنَّ الحرامَ عامٌ فيما كان ممنوعاً منه بالقهر والحكم، والبَسْلُ هو الممنوع بالقهر، وقيل للشجاعة بسالة: إمَّا لِما يُوْصَفُ به الشجاع من عُبوس وجهه أو لكونه مُحَرَّماً على أقرانه أو لأنه يمنع ما في حوزته وما تحت يده من أعدائه، والبُسْلَةُ أجرة الراقي، مأخوذة من قول الراقي: أَبْسَلْتُ زيداً أيك جَعَلءتُه محرَّماً على الشيطان أو جَعَلءتُه شجاعاً قوياً على مدافعته، وبَسَل في معنى أَجَلْ وبَسْ" أي: فتكون حرفَ جواب كأجل، واسمَ فعل بمعنى اكتف كـ "بس".
وقوله: ﴿بِمَا﴾ متعلّقٌ بـ "تُبْسَل" أي: بسبب، و"ما" مصدرية أو بمعنى الذي، او نكرة، وأمرها واضح.
قوله: ﴿لَيْسَ لَهَا﴾ هذه الجملة فيها ثلاثة أوجه، أحدها: وهوالظاهر أنها مستأنفةٌ سِيقَتْ للإخبار بذلك. والثاني: أنها في محل رفع صفة لـ"نفس" والثالث: أنها في محل نصب حالاً من الضمير في "كسبت".
(٦/٢٦٨)
---