و"شراب" يجوز رفعُه وجهين: الابتدائية والفاعلية عند الأخفش، وعند سيبويه أيضاً على أن يكون "لهم" هو خبر المبتدأ أو حالاً حيث جعلناه حالاً، و"شراب" مرتفعٌ به لاعتماد على ما تقدَّم، و"من حميم" صفةٌ لـ "شراب" فهو في محلِّ رفع ويتعلق بمحذوف.
و"شراب" فَعَال بمعنى مَفْعول، وفَعال بمعنى مفعول كطعام بمعنى مطعوم وشراب بمعنى مشروب لا ينقاس لا يقال: أَكال بمعنى مأكول، ولا ضَراب بمعنى مضروب. والإشارة أتى بصيغة الجمع، وفي قول ابن عطية وأبي البقاء إلى الحبس المفهوم من قوله "أن تُبْسَلَ نَفْسٌ" إذ المرادُ به عمومُ الأنفسِ فلذلك أُشير إليه بالجمع.
* ﴿ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
قول تعالى: ﴿َنَدْعُواْ﴾: استفهام توبيخ وإنكار، والجملة في محل نصب بالقول، و"ما" مفعولةٌ بـ "ندعو" وهي موصولةٌ أو نكرةٌ موصوفة، و"مِنْ دون الله" متعلِّق بـ"ندعو" قال أبو البقاء: "ولا يجوز أن يكونَ حالاً من الضمير في "يَنْفَعنا" ولا معمولاً لـ "نيفعنا" لتقدُّمِه على "ما" والصلةُ والصفةُ لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف،" قوله "من الضمير في يَنْفعنا" يعني به المرفوعَ العائدَ على "ما" وقوله: "لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف" يعن أن "ما" لا تخرج عن هذين القسمين، ولكن يجوز أن يكون "من دون" حالاً من "ما" نفسها على قوله: إذ لم يجعل المانعَ من جَعْلِه حالاً من ضميره الذي في "ينفعنا" إلا صناعياً لا معنوياً، ولا فرقَ بين الظاهر وضميره بعنى أنه إذا جاء أن يكون حالاً من ظاهر جاز أن يكون حالاً من ضميره، إلا أن يمنع مانع.
(٦/٢٧٠)