قوله: ﴿يَوْمَ يُنفَخُ﴾ فيه ثمانية أوجه، أحدها: أنه خبر لقوله "قول الحق" وقد تقدَّم هذا بتحقيقه، الثاني: أنه بدل من "يوم يقول" فيكون حكمه حكمَ ذاك. الثالث: أنه ظرف لـ"تُحْشَرون" أي: وهو الذي إليه تُحشرون في يوم ينفخ في الصور. الرابع: أنه منصوب بنفس الملك أي: وله الملك في ذلك اليوم فإن قلت: يلزم من ذلك تقيُّد الملك بيوم النفخ والملك له كل وقت. فالجواب ما أُجيب به في قوله ﴿لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ؟لِلَّهِ﴾ وقوله: ﴿وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ وهو أن فائدةَ الإخبار بذلك أنه أَثْبَتَ المُلك والأمر في يوم لا يمكن أحد أن يدِّعي فيه شيئاً من ذلك فكذلك هذا. الخامس: أنه حال من الملك، والعامل فيه "له" تضمَّنه من معنى الفعل. السادس: انه منصوب بقوله "يقول" السابع: أنه منصوب بعالم الغيب بعده. الثامن: أنه منصوب بقوله "قول الحق" فقد تحصَّل في كل من اليومين ثمانيةُ أوجه، ولله الحمد.
والجمهور على "يُنْفَخُ" مبنيَّاً للمفعونل بياء الغيبة، والقائم مقام الفاعل الجارُّ بعده. وقرأ أبو عمرو في رواية عبد الوراث: "ننفخ" بنون العظمة مبنياً للفاعل. والصُّور: الجمهورُ على قراءة ساكنَ [العين] وقرأه الحسن البصري بفتحها، فأمَّا قراءة الجمهور فاختلفوا في معنى الصُّور فيها، فقال جماعة: الصُّور جمع صُورة كالصُّوف جمع صُوفة، والثُّوم جمع ثومة، وهذا ليس جمعاً صناعياً وإنا هو اسم جنس، إذ يُفَرَّق بينه وبين واحده بتاء التأنيث، وأيَّدوا هذا القولَ بقراءة الحسنِ المتقدمة. وقال جماعةٌ: إن الصُّور هو القَرْن، قال بعضهم: هي لغة اليمنِ وأنشد:
١٩٥٥- نحن نَطَحْناهُمْ غَداة الجَمْعَيْنْ *بالشامخات في غبار النَّقْعَيْنْ
نَطْحاً شديداً لا كنطح الصُّوْرَيْن
(٦/٢٧٩)
---


الصفحة التالية
Icon