وقرأ أُبَيُّ بنُ كعب وعبد الله بن عباس والحسن ومجاهد في آخرين بضمِّ الراء على أنه منادى حُذِفَ حرفُ ندائِه كقوله تعالى: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ﴾ وكقوله:
١٩٥٩- ليُبْك يزيدُ ضارعٌ لخصومةٍ *...................
في أحد الوجهين أي: يا يزيد، ويؤيِّده ما في مصحف أُبَيّ: يا آزر بإثبات حرفه، وهذا إنما يَتَمشَّى على دعوى أنه عَلَم، وأمَّا على دعوى وصفيِتَّه فيضعف؛ لأنَّ حَذْفَ حرفِ النداء يَقِلُّ فيها كقولهم: "افتدِ مخنوقُ" و"صاح شَمِّرْ"
وقرأ ابن عباس في روايةٍ: "أَأَزْراً تتخذ" بهمزتين مفتوحتين وزاي ساكنة وراء منونة منصوبة، "تتخذ" بدون همزة استفهام، ولمَّا حكى الزمخشري هذه القراءة لم يُسْقط همزة الاستهام من "أتتخذ" فأمَا على قراءة الأولى فقال ابن عطية مفسراً لمعناها: "أعضداً وقوة ومظاهرةً على الله تتهذ، وهو من قوله ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ انتهى. وعلى هذا فيحتمل "أزراً" أن ينتصب من ثلاثة اوجه، أحدها: أنه مفعول من أجهل، و"اصناماً آلهة" منصوب بتتخذ على ما سيأتي بيانه، والمعنى أتَّتخذ أصناماً آلهةً لأجل القوة والمظاهرة. والثاني: أن ينتصبَ على الحال. والثالث: أنْ ينتصب على أنه مفعول ثان قُدِّم على عامله، والأصل: أتتخذ أصناماً آلهة أزْراً أي قوة ومظاهرة.
وأمَّا القراءةُ الثانيةُ فقال الزمخشري: "هو اسم صنم ومعناه: أتعبد أزْراً، على الإنكار، ثم قال: تتخذ أصناماً آلهة تثبيتاً لذلك وتقريراً، وهو داخلٌ في حكم الإنكار لأنه كالبيان له" فعلى هذا "أزْراً" منصوب بفعل محذوف يدل عليه المعنى، ولكن قوله "وهو داخلٌ في حكم الإنكار" يقوِّي أنه لم يُقرأ: "أَتَتَّخِذُ" بهمزة الاستفهام لأنه لو كان معه همزة استفهام لكان مستقلاً بالإنكارٍ، ولم يتحتج أن يقول: هو داخلٌ في حكمِ الإنكار لأنه كالبيان له.
(٦/٢٨٣)
---