وأما "رأى" إذا حذفت ألفه فهو على قسمين: قسمٍ لا تعود فيه البتةَ لا وَصْلاً ولا وقفاً نحو: ﴿رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ﴾ ﴿رَأَوُاْ الْعَذَابَ﴾ فلا إمالة في شيء منه، وكذا ما انقلبت ألفه ياءً نحو: ﴿رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ﴾، وقسمٍ حُذِفَتْ ألفُه لالتقاء السَّاكنين وَصْلاً، وتعود نقفاً نحو: ﴿رَأَى الْقَمَرَ﴾ ﴿رَأَى الشَّمْسَ﴾ ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ﴾ ﴿وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ فهذا فيه خلافٌ أيضاً بين أهلِ الإمالة اعتباراً باللفظ تارةً وبالأصل أخرى، فأمال الراء وحدها من غير خلاف حمزة وأبو بكر عن عاصم والسوسي بخلافٍ عنه وحده. وأمَّا الهمزة فأمالها مع الراء أبو بكر والسوسي بخلافٍ عنهما. هذا كله إذا وصلْتَ، أمَّا إذا وَقَفْتَ فإنَّ الألفَ ترجع لعدم المقتضي لحَذْفِها، وحكمُ هذا الفعلِ حينئذٍ حكمُ ما لم يتصل به ساكن فيعود فيه التفصيل المتقدم، كما إذا وقفت على رأى مِنْ نحو: ﴿رَأَى الْقَمَرَ﴾. فأمَّا إمالة الراء من "رأى" فلإٍِتباعها لإِمالةِ الهمزة، هكذا عبارتهم، وفي الحقيقة الإِمالة إنما هي للألف لانقلابها عن الياء، والإِمالة كما عَرَفْتَ أن تنحى بالألف نحو الياء، وبالفتحة قبلها نحو الكسرة، فمن ثَمَّ صَحَّ أن يقال: أُميلَتْ الراءُ لإِمالة الهمزة.
وأمَّا تفصيل ابنِ ذكوان بالنسبة إلى اتصاله بالضمير وعدمه فوجهُه أنَّ الفعلَ لمَّا اتصل بالضمير بَعُدَتْ ألفُه مِنَ الطرف فلم تُمَلْ، ووجهُ مَنْ أمال الهمزةَ في "رأى القمر" مراعاةُ الألف وإن كانت محذوفةً إذ حَذْفُها عارضٌ، ثم منهم مَنْ اقتصر على إمالة الهمزة لأنَّ اعتبارَ وجودِها ضعيف، ومنهم مَنْ لم يَقْتصر إعطاءً لها حكمَ الموجودةِ حقيقةً فأتبع الراء للهمزة في ذلك.
(٦/٢٩٠)
---


الصفحة التالية
Icon