* ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿لِلَّذِي فَطَرَ﴾: قدَّروا قبله مضافاً أي: وجَّهْتُ وجهي لعبادته ولرضاه، كأنهم نَفَوْا بذلك وَهْمَ مَنْ يَتَوَهَّم الجهة. و "حنيفاً" حال من فاعل "وَجَّهْتُ"، وقد تقدَّم تفسيرُ هذه الألفاظِ، و "ما" يُحتمل أن تكون الحجازيةَ، وأن تكون التميمية.
* ﴿ وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوانِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿أَتُحَاجُّوانِّي﴾: قرأ نافع وابن ذكوان وهشام بخلافٍ عنه بنون خفيفة، والباقون بنون ثقيلة، والتثقيلُ هو الأصل؛ لأن النون الأولى نون الرفع في الأمثلة الخمسة، والثانية نون الوقاية، فاسْتُثْقِل اجتماعهما، وفيها لغات ثلاث: الفكُّ وتركهما على حالهما، والإِدغام، والحذف، وقد قر بهذه اللغات كلها في قوله تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّيا أَعْبُدُ﴾، وهنا لم تقرأ إلا بالحذف أو الإِدغام، وفي سورة الحجر: ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾، كذلك، فقراءة ابن كثير بالإِدغام ونافع بالحذف، والباقون يفتحون النون لأنها عندهم نون رفع، وفي سورة النحل: ﴿تُشَاقُّونَ فِيهِمْ﴾، يُقرأ بفتح النون عند الجمهور لأنها نونُ رفع، ويقرؤه نافع بنونٍ خفيفة مكسورةٍ على الحذف، فنافعٌ حَذَفَ إحدى النونين في جميع هذه المواضع التي ذكرتها لك، فإنه / يقرأ في الزمر أيضاً بحذف إحداهما، وقوله تعالى: ﴿أَتَعِدَانِنِيا﴾، قرأه هشام بالإِدغام، والباقون بالإِظهار دون الحذف.
(٦/٢٩٥)
---


الصفحة التالية
Icon