قوله: "ما لم يُنَزِّلْ" مفعول لـ "أَشْرَكْتُم" وهي موصولة اسمية أو نكرة، ولا تكون مصدرية لفساد المعنى، و "به" و "عليكم" متعلقان بـ "يُنَزِّل"، ويجوز في "عليكم" وجهٌ آخر: وهو أن يكون حالاً من "سلطاناً" لأنه لو تأخَّر عنه لجاز أن يكونَ صفةً. وقرأ الجمهور "سُلْطاناً" ساكنَ اللام حيث وقع. وقرئ بضمها، وقيل: هي لغة مستقلة فيثبت بها بناء "فُعُل" بضم الفاء والعين، أو هي إتباع حركةٍ لأخرى.
وقوله: "فأيُّ الفريقين أحقُّ" لم يقل: أيُّنا أحقُّ نحن أم أنتم إلزاماً لخصمه بما يدَّعيه عليه، ولأنه لا يزكِّي القائلُ نفسه، وهذا بخلاف قول الآخر:
١٩٧٥- فلئِنْ لقيتُكَ خالِيَيْنِ لتعلمَنْ * أيّي وأيُّك فارسُ الأحزابِ
فللَّهِ فصاحةُ القرآن وآدابه. وقوله: "إن كنتم" جوابه محذوف، أي: فأخبروني، ومُتَعَلَّقُ العلم محذوف، ويجوز أَنْ لا يُرادَ له مفعولٌ أي: إن كنتم من ذوي العلم.
* ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوااْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَائِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ﴾: هل هو من كلام إبراهيم أو من كلام قومه أو من كلام الله تعالى؟ ثلاثة أقوال للعلماء وعليها يترتب الإِعراب، فإن قلنا: إنها من كلام إبراهيم جواباً عن السؤال في قوله: "فأيُّ الفريقين" وكذا إن قلنا: إنها من كلام قومه، وأنهم أجابوا بما هو حجةٌ عليهم، كأن الموصولَ خبرُ مبتدأ محذوف، أي: هم الذين آمنوا، وإن جَعَلْنَاهُ من كلام الله تعالى وأنه أَمَرَ نبيه بأن يجيب به السؤال المتقدم فكذلك أيضاً، وإنْ جَعَلْنَاهُ لمجرد الإِخبار من الباري تعالى كان الموصول مبتدأ، وفي خبره أوجه أحدها: أنه الجملة بعده فإن "أولئك" مبتدأ ثان، و "الأمن" مبتدأ ثالث، و "لهم" خبره، والجملة خبر "أولئك" و "أولئك" وخبره خبر الأول.
(٦/٣٠٢)
---


الصفحة التالية
Icon