وأولئك مفعولٌ مقدم لـ ﴿هَدَى اللَّهُ﴾، ويَضْعُفُ جَعْلُه مبتدأً على حذف العائد أي: هداهم الله كقوله: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ برفع "حكم". قوله: "اقتدِهْ" قرأ الأخوان بحذف هذه الهاء في الوصل، والباقون أثبتوها وصلاً ووقفاً، إلا ابنَ عامر بكَسْرها، ونَقَل ابنُ ذكوان عنه وجهين، أحدهما: الكشر من غير وصل بمدَّة. والثاني وصلُه بمدَّة، والباقون يسكنونها، أمَّا في الوقف فإن القراء اتفقوا على إثباتها ساكنة، وقد اختلفوا أيضاً في ﴿مَالِيَهْ﴾ و ﴿سُلْطَانِيَهْ﴾ في الحاقة، وفي ﴿مَاهِيَهْ﴾ في القارعة بالنسبة إلى الحذف والإِثبات، واتفقوا على إثباتها في ﴿كِتَابيَهْ﴾ و ﴿حِسَابِيَهْ
فأمَّا قراءةُ الأخوين فالهاءُ عندهما للسكتِ فلذلك حَذَفاها وَصْلاً إذ مَحَلُّها الوقفُ، وأَثْبتاها وقفاً إتباعاً لرسم المصحف، وأمَّا مَنْ أثبتها ساكنةً فتحتمل عنده وجهين أحدهما: هي هاء سكت، ولكنها ثبتت وصلاً إجراءً للوصل مجرى الوقف كقوله: ﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ﴾ في أحد الأقوال كما تقدم. والثاني: أنها ضمير المصدر سُكِّنَتْ وصلاً إجراءً للوصل أيضاً مجرى الوقف نحو: ﴿نُؤْتِهِ﴾ و ﴿فَأَلْقَهِ﴾ و ﴿أَرْجِهْ﴾ ﴿نُوَلِّهِ﴾ ﴿وَنُصْلِهِ
. واختُلِفَ في المصدر الذي تعود عليه هذه الهاء فقيل: الهدى أي: اقتد الهدى، والمعنى: اقتد اقتداءَ الهدى، ويجوز أن يكون "الهدى" مفعولاً من أجله أي: فبهداهم اقتد لأجل الهدى، وقيل: الاقتداء أي: اقتدِ الاقتداء. ومن إضمار المصدر قوله:
١٩٧٨- هذا سُراقةُ للقرآنِ يدرسُه * والمرءُ عند الرُّشا إن يَلْقَها ذيبُ
(٦/٣١١)
---


الصفحة التالية
Icon