١٩٨٦- يُهينُ النفوسَ وهُونُ النفو * سِ يومَ الكريهة أَبْقَى لها
وأضاف العذابَ إلى الهُون إيذاناً بأنه متمكن فيه، وذلك أنه ليس كلُّ عذابٍ يكون فيه هُون، لأنه قد يكون على سبيل الزجر والتأديب، ويجوز أن يكون من باب إضافةِ الموصوفِ الى صفته، وذلك أن الأصل: العذاب الهون، وصفَه به مبالغةً ثم اضافه إليه على حدِّ إضافته في قولهم: بقلة الحمقاء ونحوه. ويدل على أن الهُون بمعنى الهوان قراءة عبد الله وعكرمة له كذلك.
قوله: ﴿بِمَا كُنتُمْ﴾ "ما" مصدريةٌ أي: بكونكم قائلين غير الحق وكونكم مستكبرين. والباء متعلقة بتُجْزون أي بسببه. و "غير الحق" نصبُه من وجهين، أحدهما: أنه مفعول به أي: تذكرون غير الحق. والثاني: أنه نعت مصدرٍ محذوفٍ أي: تقولون القول غير الحق. وقوله: "وكنتم" يجوز فيه وجهان، أحدهما: - وهو الظاهر - أنه عطف على "كنتم" الأولى فتكون صلةً لـ "ما" كما تقدم. والثاني: أنها جملة مستأنفة سِيقت للإِخبار بذلك. و "عن أياته" متعلق بخبر كان، وقُدِّم لأجل الفواصل.
* ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿فُرَادَى﴾: منصوب على الحال من فاعل "جئتمونا"، وجئتمونا فيه وجهان، أحدهما: أنه بمعنى المستقبَل أي: تجيئوننا، وإنما أبرزه في صورة الماضي لتحقُّقه كقوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾. والثاني: أنه ماضٍ والمراد به حكاية الحال بين يدي الله تعالى يوم يقال لهم ذلك، فذلك اليوم يكون مجيئهم ماضياً بالنسبة غلى ذلك اليوم.
(٦/٣٢٣)
---