(٦/٣٢٨)
---
فمقالة بدل من "أنك لمتني" وهو فاعل، والرواية بفتح تاء "مقالة" لإضافتها إلى أَنْ وما في حيِّزها.
الخامس: أن المسألة من باب الإِعمال، وذلك أن "تَقَطَّع" و "ضَلَّ" كلاهما يتوجَّهان على "ما كنتمْ تزعُمون" كلٌّ منهما يطلبه فاعلاً، فيجوز أن تكون المسألة من باب إعمال الثاني، وأن تكون من إعمال الأول، لأنه ليس هنا قرينة تُعَيِّن ذلك، إلا أنك قد عرفت مما تقدَّم أن مذهب البصريين اختيار إعمال الثاني، ومذهب الكوفيين بالعكس، وقد تقدَّم تقرير ذلك في البقرة، فعلى اختيار البصريين يكون "ضَلَّ" هو الرفع لـ "ما كنتم تزعمون" واحتاج الأول لفاعل فأعطيناه ضميرَه فاستتر فيه، وعلى اختيار الكوفينن يكون "تقطَّع" هو الرافع لـ "ما كنتم تزعمون"، وفي "ضلَّ" ضميره فاعلاً به، وعلى كلا القولين فـ "بينكم" منصوبٌ على الظرف وناصبه "تقطَّع".
السادس: أن الظرف صلة لموصول محذوف تقديره: تقطع ما بينكم، فحذف الموصول وهو "ما" وقد تقدَّم أن ذلك رأي الكوفيين، وتقدَّم ما استشهدوا به عليه من القرآن وأبيان العرب، واستدل القائلُ / بذلك بقول الشاعر:
١٩٩٢- يُدِيرونني عن سالمٍ وأُديرُهمْ * وجِلْدَةُ بين الأنف والعينِ سالمُ
وبقول الآخر:
١٩٩٣- ما بين عَوْفٍ وإبراهيمَ مِنْ نَسَبٍ * إلا قرابةُ بين الزنج والرومِ
تقديره: وجلدة ما بين، وإلا قرابة ما بين، ويدل على ذلك قراءة عبد الله ومجاهد والأعمش: ﴿لقد تقطَّع ما بينكم﴾.
(٦/٣٢٩)
---