وأجاز أبو عبيد والزجاج وجماعة قراءة الرفع. قال أبو عبيد: "وكذلك نقرؤها بالرفع لأنَّا قد وَجَدْنا العرب تجعل "بين" اسماً من غي رما، ويُصَدِّق ذلك قولُه تعالى: "بلغا مجمعَ بينهما" فجعل "بين" اسماً من غير ما، وكذلك قوله: ﴿بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا﴾ فجعل "بين" اسماً من غير ما، وكذلك قوله: ﴿هَاذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ قال: "وقد سمعناه في غير موضع من أشعارها" ثم ذكر ما ذَكَرْتُه عن أبي عمرو بن العلاء، ثم قال: "وقرأها الكسائي نصباص، وكان يعتبرها بحرف عبد الله "لقد تقطع ما بينكم". وقال الزجاج: "والرفعُ أجوُ والنصب جائز، والمعنى: لقد تقطع ما كان من الشركة بينكم". الثالث: أن هذا كلام محمول على معناه إذ المعنى: لقد تفرق جمعكم وتشتَّت، وهذا لا يصلح أن يكون تفسير إعراب.
قوله: ﴿مَّا كُنتُمْ﴾ "ما" يجوز أن تكون موصولةً اسمية أو نكرة موصوفة أو مصدرية، والعائد على الوجهين الأولين محذوف بخلاف الثالث، والتقدير: تزعمونهم شركاء أو شفعاء، فالعائد هو المفعول الأول و "شركاء" هو الثاني، فالمفعولان محذوفان اختصاراً للدلالة عليهما إن قلنا: إن "ما" موصولةٌ اسمية أو نكرة موصوفة. ويجوز أن يكون الحذف حَذْفَ اقتصار إن قلنا إنها مصدرية، لأن المصدرية لا تحتاج إلى عائد بخلاف غيرها، فإنها تفتقر إلى عائد فلا بد من الالتفات إليه وحينئذ يلزم تقدير المفعول الثاني، ومن الحذف اختصاراً قوله:
٢٠٠١- بأيِّ كتابٍ أم بأية سنةٍ * ترى حبَّهم عاراً علي وتحسبُ
أي: وتحسب حبهم عاراً علي.
* ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذالِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾
(٦/٣٣٣)
---


الصفحة التالية
Icon