وأمَّا قوله تعالى: ﴿قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم﴾ فقيلَ: على التضمين. وقيل هي زائدة.
قوله ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾: الربُّ لغةً: السيِّدُ والمالك والثابِت والمعبود، ومنه:
٤٢- أَرَبٌّ يبول الثُّعْلُبان برأسه * لقد هانَ مَنْ بالَتْ عليه الثعالبُ
والمُصْلِح. وزاد بعضُهم أنه بمعنى الصاحب وأنشد:
٤٣- قَدْ ناله ربُّ الكلاب بكفِّه * بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
والظاهرُ أنه هنا بمعنى المالك، فليس هو معنى زائداً، وقيل: يكون بمعنى الخالق.
واختلف فيه: هل هو في الأصل أو مصدرٌ؟ فمنهم مَنْ قال: هو وصفٌ ثم اختلف هؤلاء في وزنه، فقيل: هو على وزن فَعَل كقولك: نَمَّ يَنُمُّ فهو نَمٌّ، وقيل: وزنه فاعِل، وأصله رابٌّ، ثم حُذفت الألف لكثرةِ الاستعمال، كقولهم: رجل بارٌّ وبَرٌّ. ولِقائلٍ أن يقول: لا نُسَلِّم أنَّ بَرَّاً مأخوذٌ من بارّ بل هما صيغتان مستقلتان فلا ينبغي أن يُدَّعى أن ربَّاً أصله رابٌّ. ومنهم من قال: هو مصدَر ربَّهُ يَرُبُّه رَبَّاً أي مَلَكَه، قال: "لأَنْ يَرُبَّني رجلٌ من قريش أحبُّ إليَّ أن يَرُبِّني رجلٌ من هوازن"، فهو مصدَرٌ في معنى الفاعل، نحو: رجل عَدْلٌ وصَوم، ولا يُطلق على غير الباري تعالى إلا بقيدِ إضافة، نحو قوله تعالى: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ ويقولون: "هو ربُّ الدار وربُّ البعير" وقد قالَتْه الجاهلية للمَلِك من الماس من غير قَيْدٍ، قال الحارث بن حلزة:
٤٤- وهو الربُّ والشهيدُ على يَوْ * مِ الحِيَارَيْنِ والبلاءُ بلاءُ
وهذا من كفرهم.
وقراءةُ الجمهور مجروراً على النعت لله أو البدل منه، وقُرئ منصوباً، وفيه ثلاثةُ أوجه: إمَّا [منصوبٌ] بما دَلَّ عليه الحمدُ، تقديره: أَحْمَدُ ربِّ العالمين، أو على القطعِ من التبعِيَّة أو على النداء وهذا أضعفُها؛ لأنه يؤدِّي إلى الفصلِ بين الصفةِ والموصوف. وقُرئ مرفوعاً على القَطْعِ من التبعيَّة فيكون خبراً لمبتدأ محذوفٍ أي هو ربُّ.
(١/٢٥)


الصفحة التالية
Icon