قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا﴾: فيه التفاتٌ من غَيْبة إلى تكلم بنون العظمة، والباء في "به" للسببية، وقوله ﴿نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ قيل: المراد كل ما تسمَّى نباتاً في اللغة. وقال الفراء: رزق كل شيء أي: ما يصلحُ أن يكون غذاءً لكل شيء فيكون مخصوصاً بالمتغذَّى به". وقا لالطبري: "هو جميع ما ينمو من الحيوان والنبات والمعادن؛ لأنَّ كل ذلك يتغذَّى بالماء" ويترتب على ذلك صناعة إعرابية، وذلك أنَّا إذا قلنا بقولٍ غيرِ الفراء كانت الإضافة راجعةً في المعنى إلى إضافة شبه الصفة لموصوفها، إذ يصير المعنى على ذلك: فأخرَجْنا به كلَّ شيء منبَت فإن النبات بمعنى المُنْبَت، وليس مصدراً كهو في ﴿أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً﴾ وإذا قلنا بقول الفراء كانت الإِضافة إضافةً بين متباينين، إذ يصير المعنى: غذاء كل شيء أو رزقه. ولم ينقل الشيخ عن الفراء غيرَ هذا القول، والفراء له في هذه الآية القولان المتقدمان فإنه قال: "رزق كل شيء" قال: "وكذا جاء في التفسير وهو وجه الكلام، وقد يجوز في العربيَّة أن تضيف النبات إلى كل شيء، وأنت تريد بكل شيء النبات أيضاً، فيكون مثل قوله ﴿حَقُّ الْيَقِينِ﴾ واليقين هو الحق".
(٦/٣٤٤)
---