والثالث: أن يعطف على "قنوان". قال الزمخشري: "على معنى: محاطة أو مُخْرجة من النخل قنوان، وجنات من أعناب أي: من نبات أعناب. قال الشيخ: "وهذا العطفُ هو على أن لا يُلْحَظَ فيه قيدٌ من النخل فكأنه قال: ومن النخل قنوان دانية وجنات من أعناب حاصلة كما تقول: "من بني تميم رجل عاقل ورجل من قريش منطلقان". قلت: وقد ذكر الطبري أيضاً هذا الوجه أعني عطفها على "قنوان"، وضعَّفه ابن عطية، كأنه لم يظهر له ما ظهر لأبي القاسم من المعنى المشار إليه، ومنع أبو البقاء عطفه على "قنوان" قال: "لأن العنب لا يخرج من النخل". وأنكر أبو عبيد وأبو حاتم هذه القراءة. قال أبو حاتم: "هذه القراءة محال؛ لأن الجنات من الأعناب. لا تكون من النخل". قلت: أمَّا جواب أبي البقاء فيما قاله الزمخشري، وأمَّا جوابُ أبي عبيد وأبي حاتم فيما تقدم من توجيه الرفع. و "من أعناب" صفة لجنات فتكون في محل رفع ونصب بحسب القراءتين، وتتعلق بمحذوف.
قوله: ﴿وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ﴾ لم يقرأهما أحد إلا منصوبين، ونصبهما: إمَّا عطفٌ على جنات وإمَّا على نبات، وهذا ظاهر قول الزمخشري، فإنه قال: "وقرئ "وجنات" بالنصب عطفاً على "نباتَ كل شيء" أي: وَأَخْرَجْنا به جناتٍ من أعناب، / وكذلك قوله: و الزيتونَ والرُّمَّان". ونصَّ أبو البقاء على ذلك فقال: "وجنات بالنصب عطفاً على نبات، ومثله: الزيتونَ و الرمانَ". وقال ابن عطية: "عطفاً على "حَبَّاً". وقيل على "نبات" وقد تقدم لك أن في المعطوف الثالث فصاعداً احتمالين، أحدهما: عطفه على ما يليه، والثاني: عطفه على الأول نحو: مررت بزيدٍ وعمروٍ وخالد، فخالد يحتمل عطفه على زيد أو عمرو، وقد تقدم أن فائدة الخلاف تظهر في نحو: "مررت بك وبزيد وبعمرو" فإن جعلته عطفاً على الأول لَزِمَت الباء وإلاَّ جازت.
(٦/٣٥٣)
---