وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ﴾: مفعولُ المشيئة محذوف أي: لو شاء الله إيمانهم، وقد تقدَّم أنه لا يُذْكر إلا لغرابته. وقوله: "جَعَلْناك" هي بمعنى صيَّر، فالكاف مفعول أول و "حفيظاً" هو الثاني، و "عليهم" متعلق به قُدِّم للاهتمام أو للفواصل. ومفعول "حفيظ" محذوف أي: حفيظاً عليهم أعمالَهم. قال أبو البقاء: "هذا يؤيد قول سيبويه في إعمال فعيل" يعني أنه مثالُ مبالغة، وللناس في إعماله وإعمال فَعِل خلاف أثبته سيبويه ونفاه غيره، وكيف يؤيده وليس شيء في اللفظ يَشْهد له؟
وقوله: ﴿وَمَآ أَنتَ﴾ يجوز أن تكون الحجازية، فيكون "أنت" اسمها و "بوكيل" خبرها في محل نصب، ويجوز أن تكون التميميةَ فيكون "أنت" مبتدأ و "بوكيل" خبره في محل رفع، والباء زائدة على كلا التقديرين، و "عليهم" متعلِّقٌ بوكيل قُدِّم لِما تقدَّم فيما قبله. وهذه الجملة هي في معنى الجملة قبلها؛ لأنَّ معنى ما أنت وكيل عليهم هو بمعنى ما جعلناك حفيظاً عليهم أي: رقيباً.
* ﴿ وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾
وقوله تعالى: ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾: يجوز أن يتعلَّق بـ "يَدْعُون" وأن يتعلَّق بمحذوف على أنه حال: إمَّا من الموصول، وإمَّا مِنْ عائده المحذوف أي: يَدْعُونهم حالَ كونهم مستقرِّين من دون الله.
(٦/٣٧٥)
---