ولا بد من حَذْفِ مضافٍ في الكلام لقوله تعالى: "أو هم قائلون" فاضْطُرِرْنَا إلى تقدير محذوف، ثم منهم مَنْ قَدَّره قبل "قرية" أي: كم من أهل قرية، ومنهم مَنْ قدَّره قبل "ها" في "أهلكناها" أي: أهلكنا أهلَها، وهذا ليس بشيءٍ؛ لأن التقادير إنما تكون لأجل الحاجة، والحاجةُ لا تدعو إلى تقديرِ هذا المضاف في هذين الموضعين المذكورين، لأن إهلاكَ القرية يمكن أن يقع عليها نفسِها، فإن القرى تُهْلَكُ بالخَسْف والهدمِ والحريق والغَرَق ونحوه، وإنما يُحتاج إلى ذلك عند قوله "فجاءها" لأجل عَوْدِ الضمير من قوله: "هم قائلون" عليه، فيُقَدَّر: وكم من قرية أهلكناها فجاء أهلَها بأسُنا. قال الزمخشري: "فإن قلت: هل تُقَدِّرُ المضافَ الذي هو الأهل قبل "قرية" أو قبل الضمير في طأهلكناها"؟ قلت: إنما يُقَدَّر المضافُ للحاجة ولا حاجة، فإن القرية تَهْلَكُ كما يَهْلَك أهلُها، وإنما قدَّرناه قبل الضمير في "فجاءها" لقوله "أو هم قائلون".
(٧/٧٠)
---