وقوله: ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾: قال ابن عطية: "وجوابُ الشرط المتقدم في قوله: "وأطيعوا"، هذا مذهب سيبويه، ومذهب المبرد أن الجواب محذوف متأخر، ومذهبه في هذا الاَّ يتقدَّمَ الجوابُ على الشرط". قلت: وهذا الذي ذكره أبو [محمد] نقل الناسُ خلافَه، نقلوا ذلك - أعني جوازَ تقديمِ جوابِ الشرط عليه - عن الكوفيين وأبي زيد وأبي العباس، فالله أعلم أيُّهما أثبت. ويجوز أن يكون للمبرد قولان وكذا لسيبويه، فنقل كلُّ فريق عن كلٍ منهما أحد القولين.
* ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ﴾: يجوز في هذا الموصول أن يكن مرفوعاً على النعت للموصول، وعلى البدل، أو على البيان له، وأن يكون منصوباً على القطع المُشْعِر بالمدح. وقوله: ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ التقديمُ يفيدُ الاختصاصَ أي: عليه لا على غيره. وهذه الجملةُ يُحتمل أن يكون لها محلٌّ من الإِعراب وهو النصبُ على الحال مِنْ مفعول "زادَتْهم" ويُحتمل أن تكونَ مستأنفةً، ويحتمل أن تكون معطوفةً على الصلة قبلها فتدخلَ في حَيِّزِ الصلاتِ المتقدمةِ، وعلى هذين الوجهين فلا محلَّ لها من الإِعراب.
* ﴿ أُوْلاائِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿حَقّاً﴾: يجوز أن يكونَ صفةً لمصدرٍ محذوف أي: هم المؤمنون إيماناً حقاً. ويجوز أن يكونَ مؤكِّداً لمضمون الجملة كقولك: هو عبدالله حقاً، والعاملُ فيه على كلا القولين مقدَّرٌ أي: أحقُّه حقاً. ويجوز - وهو ضعيف جداً - أن يكونَ مؤكِّداً لمضمون الجملة الواقعة بعده وهي "لهم درجات" ويكون الكلامُ قد تمَّ عند قوله "هم المؤمنون" ثم ابتدئ بـ "حقاً" لهم درجات". وهذا إنما يجوز على رأيٍ ضعيف، أعني تقديمَ المصدرِ المؤكِّد / لمضمون جملة عليها.
(٧/٣٤٨)
---


الصفحة التالية
Icon