العاشر: أن الكاف بمعنى واو القسم و "ما" بمعنى الذي، واقعةٌ على ذي العلم مُقْسَماً به، وقد وقعت على ذي العلم في قوله: ﴿وَالسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى﴾ والتقدير: والذي أخرجك، ويكون قوله "يجادلونك" جوابَ القسم. وهذا قول أبي عبيدة. وقد ردَّ الناس عليه قاطبةً. وقالوا: كان ضعيفاً في النحو، ومتى ثبت كونُ الكافِ حرفَ قسمٍ بمعنى الواو؟ وأيضاً فإن "يجادلونك" لا يَصِحُّ كونُه جواباً؛ لأنه على مذهب البصريين متى كان مضارعاً مثبتاً وَجَب فيه شيئان: اللام وإحدى النونين، نحو ﴿لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً﴾، وعند الكوفيين: إمَّا اللامُ وإمَّا إحدى النونين، و "يجادلونك" عارٍ عنهما.
الحادي عشر: أن الكاف بمعنى على، و "ما" بمعنى الذي والتقدير: امْضِ على الذي أخرجَك. وهو ضعيفٌ لأنه لم يثبتْ كونُ الكاف بمعنى "على" البتةَ إلا في موضعٍ يحتمل النزاع كقوله: ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ أي على هدايته إياكم. الثاني عشر: أن الكافَ في محل رفع، والتقدير: كما أخرجك ربك فاتقوا الله، كأنه ابتداءٌ وخبر. قال ابن عطية: "وهذا المعنى وَضَعه هذا المفسِّر، وليس من ألفاظ الآية في وِرْدٍ ولا صَدَر".
الثالث عشر: أنها في موضعِ رفعٍ أيضاً والتقدير: لهم درجاتٌ عند ربهم ومغفرة ورزق كريم، هذا وعدٌ حقٌّ كما أخرجك. وهذا فيه حذفُ مبتدأ وخبر، ولو صَرَّح بذلك لم يلتئم التشبيهُ ولم يَحْسُنْ. الرابع عشر: أنها في موضع رفعٍ أيضاً. والتقدير: وأصلِحوا ذاتَ بينكم ذلكم خيرٌ لكم كما أخرجك، فالكاف في الحقيقة نعتٌ لخبر مبتدأ محذوف. وهو ضعيف لطول الفصل بين قوله: "وأَصْلِحوا" وبين قوله "كما أَخْرَجَك".
(٧/٣٥٠)
---


الصفحة التالية
Icon