قوله: ﴿حَتَّى يَسْمَعَ﴾ "حتى" يجوز أن تكونَ هنا للغاية، وأن تكونَ للتعليل، وعلى كلا التقديرين يتعلَّقُ بقوله: "فَأَجِرْهُ"، وهل يجوز أن تكونَ هذه المسألةُ من باب التنازع أم لا؟ وفيه غموضٌ، وذلك أنه يجوزُ من حيث المعنى أن تُعَلَّق "حتى" بقوله: "استجارك" أو بقوله: "فَأَجِرْهُ" إذ يجوز تقديرُه: وإن استجارك أحدٌ حتى يسمعَ كلام الله فَأَجِرْهُ حتى يسمع كلام الله. والجوابُ أنه لا يجوزُ عند الجمهور لأمرٍ لفظي - من جهة الصناعة - لا معنوي، فإنَّا لو جعلناه من التنازع، وأَعْمَلَنا الأول مثلاً لاحتاج الثاني إليه مضمراً على ما تقرر، وحينئذٍ يلزم أنَّ "حتى" تجرُّ المضمر، و "حتى" لا تجرُّه إلا في ضرورة شعر كقوله:
٢٤٥٣ - فلا واللَّهِ لا يَلْقَى أُناسٌ * فتى حَتَّاك يا ابنَ أبي يزيدِ
وأمَّا عند مَنْ يُجيز أن تجرَّ المضمر فلا يمتنع ذلك عنده، ويكون من إعمال الثاني لحذفِه، ويكون كقولك: "فرحت ومررت بزيد" أي: فرحت به، ولو كان من إعمال الأول لم تَحْذِفْه من الثاني.
وقوله: ﴿كَلاَمَ اللَّهِ﴾ من باب إضافة الصفة لموصوفها لا من باب إضافةِ المخلوق للخالق. و "مَأْمَنَه" يجوز أن يكون مكاناً أي مكان أَمْنِه، وأن يكونَ مصدراً أي: ثمَّ أَبْلِغْه أَمْنَه.
* ﴿ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
(٨/٥)
---


الصفحة التالية
Icon