قولُه تعالى: ﴿رَضُواْ﴾: فيه وجهان، أحدهما: أنه مستأنفٌ كأنه قال قائل: ما بالُهم استأذنوا في القعود وهم قادرون على الجهاد؟ فَأُجيب بقوله "رَضُوا بأن يكونوا مع الخوالِفِ". وإليه مال الزمخشري. والثاني: أنه في محل نصبٍ على الحال و "قد" مقدرةٌ في قوله ["رَضُوا"].
وقوله: ﴿وَطَبَعَ﴾ نسقٌ على "رضُوا" تنبيهاً على أن السببَ في تخلُّفهم رضاهم بقعودهم وطَبْعُ الله على قلوبهم.
وقوله ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ﴾ فأتى بـ"على" وإن كان قد يَصِل بـ"إلى" لفَرْقٍ ذكروه: وهو أنَّ "على" تدل على الاستعلاء وقلة مَنَعَة مَنْ تدخل عليه نحو: لي سبيل عليك، ولا سبيلَ لي عليك، بخلافِ "إلى". فإذا قلت: "لا سبيل عليك" فهو مغايرٌ لقولِك: لا سبيلَ إليك. ومن مجيء "إلى" معه، قوله:
٢٥٣٣ - ألا ليت شِعْري هل إلى أمِّ سالمٍ * سبيلٌ فأمَّا الصبرُ عنها فلا صبرا
وقوله:
٢٥٣٤ - هل من سبيلٍ إلى خَمْرٍ فأشربَها * أم من سبيل إلى نَصْرِ بن حَجَّاجِ
* ﴿ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ﴾: فيها وجهان، أحدهما: أنها المتعديةُ إلى مفعولين أولهمنا "نا"، والثاني: قوله "مِنْ أخباركم". وعلى هذا ففي "مِنْ" وجهان، أحدهما: أنها غيرُ زائدةٍ، والتقدير: قد نَبَّأنا اللَّهُ أخباراً مِنْ أخباركم، أو جملةً من أخباركم، فهو في الحقيقة صفةٌ للمفعول المحذوف. والثاني: أن "مِنْ" مزيدةٌ عند الأخفش لأنه لا يَشْترط فيها شيئاً. والتقدير: قد نبَّأنا الله أخباركم.
(٨/٨٧)
---