والجمهورُ على جَرِّ "الأنصار" نسقاً على المهاجرين. يعني أن السابقين من هذين الجنسين. وقرأ جماعة كثيرة أَجِلاَّء: عمر بن الخطاب وقتادة والحسن وسلام وسعيد بن أبي سعيد وعيسى الكوفي وطلحة ويعقوب: "والأنصارُ" برفعها. وفيه وجهان أحدهما: أنه مبتدأ، وخبرُه "رضيَ الله عنهم". والثاني: عطف على "السابقون". وقد تقدم ما فيه فيُحكم عليه بحكمه.
قوله: ﴿بِإِحْسَانٍ﴾ متعلقٌ بمحذوف؛ لأنه حالٌ من فاعل "اتَّبعوهمط. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى أن الواوَ ساقطةٌ من قوله: "والذين اتبعوهم" ويقول: إن الموصول صفةٌ لمن قبله، حتى قال له زيد بن ثابت إنها بالواو فقال: ائتوني بأُبَيّ. فأتَوه به فقال له: تصديق ذلك في كتاب الله في أول الجمعة: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ﴾، وأوسط الحشر: ﴿وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ﴾، وآخر الأنفال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ﴾. ورُوِي أنه سمع رجلاً يقرؤها بالواو فقال: مَنْ أقرأك؟ قال: أُبَيّ. فدعاه فقال: أَقْرَأنيه رسولُ الله ﷺ وإنك لتبيع القَرَظ بالبقيع. قال: صَدَقْتَ وإن شئت قل: شهدنا وغِبْتم، ونَصَرْنا وخَذَلْتم، وآوَْنا وطَرَدْتم. ومن ثَمَّ قال عمر: لقد كنتُ أرانا رُفِعْنا رَفْعةً لا يَبْلُغها أحدٌ بعدنا.
وقرأ ابن كثير: ﴿تجري من تحتها﴾ بـ"مِنْ" الجارة، وهي مرسومةٌ في مصاحف مكة. والباقون "تحتها" بدونها، ولم تُرْسَمْ في مصاحفهم، وأكثرُ ما جاء القرآن موافقاً لقراءة ابن كثير هنا: ﴿تجري مِنْ تحتها﴾ في غير موضع.
* ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾
(٨/٩٣)
---


الصفحة التالية
Icon