قوله: ﴿وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم﴾ يجوز أن يكون معطوفاً على "ظلموا" فلا محلَّ له عند سيبويه، ومحله الجر عند غيره، لأنه عطف على ما هو في محلِّ جرٍ بإضافة الظرف إليه، ويجوز أن يكونَ في محلِّ نصبٍ على الحال، أي: ظلموا بالتكذيب وقد جاءتهم رسلُهم بالحُجَج والشواهد على صدقهم و "بالبينات" يجزُ أن يتعلَّق بـ"جاءتهم"، ويجوز أن يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه حالٌ من "رسلهم" [أي:] جاؤوا ملتبسين بالبينات مصاحبين لها.
قوله: ﴿وَمَا كَانُواْ﴾ الظاهرُ عَطْفه على "ظلموا". وجَوَّز الزمخشري أن يكونَ / اعتراضاً قال: "واللامُ لتأكيد فني إيمانهم، ويعني بالاعتراض كونَه وقع بين الفعل ومصدرهِ التشبيهي في قوله "كذلك نَجزي". والضميرُ في "كانوا" عائد على "القرون". وجَوَّز مقاتل أن يكونَ ضميرَ أهل مكة، وعلى هذا يكونُ التفاتاً إذ فيه خروجٌ من ضمير الخطاب في قوله "قبلكم" إلى الغَيْبة، والمعنى: وما كنتم لتؤمنوا، و "كذلك" نعتٌ لمصدرٍ محذوف، أي مثلَ ذلك الجزاء نجزي. وقُرِىء "يَجْزي" بياء الغيبة، وهو التفاتٌ من التكلم في قوله "أَهْلكنا" إلى الغَيْبة.
* ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿لِنَنظُرَ﴾: متعلق بالجَعْل. وقرأ يحيى الذماري بنون واحدة وتشديد الظاء. وقال يحيى: "هكذا رأيته في مصحف عثمان" يعني أنه رآها بنون واحدة، ولا يعني أنه رآها مشددة؛ لأنَّ هذا الشكل وهو رديءٌ جداً، وأحسنُ ما يقال فيه: إنه بالغ في إخفاءِ غُنَّة النون الساكنة فظنَّه السامع إدغاماً، ورؤيتُه له بنونٍ واحدة لا يدلُّ على قراءته إياه مشددَ الظاء ولا مخفَّفَها. قال الشيخ: "ولا يدلُّ" على حَذْفَ النون من اللفظ". وفيه نظرٌ لأنه كيف يقرأ ما لم يكن مكتوباً في المصحف الذي رآه؟
وقوله: ﴿كَيْفَ﴾ منصوبٌ بـ"تعلمون" على المصدر، أي: أيَّ عملٍ تعملون، وهي معلِّقة للنظر.
(٨/١٣٩)
---


الصفحة التالية
Icon