قوله: ﴿جَآءَتْهَا﴾ الظاهرُ أن هذه الجملةَ الفعلية جواب "إذا"، وأن الضميرَ في "جاءَتْها" ضميرُ الريح الطيبة، أي: جاءَتِ الريحَ الطيبةَ ريحٌ عاصفٌ، أي: خَلَفَتْها. وبهذا بدأ الزمخشري، وسبقه إليه الفراء وجَوَّزَ أن يكونَ الضميرُ للفلك، ورجَّح هذا بأن الفُلْكَ هو المُحَدَّث عنه.
قوله: ﴿وَظَنُّوااْ﴾ يجوز أن يكونَ معطوفاً على "جاءتها" الذي هو جوابُ "إذا"، ويجوز أن يكونَ معطوفاً على "كنتم" وهو قولُ الطبريّ ولذلك قال: "وظنُّوا" جوابُه "دَعَوا الله". قال الشيخ: "ظاهره العطف على جواب "إذا" لا أنَّه معطوفٌ على "كنتم" لكنه محتمل كما تقول: "إذا زارك فلانٌ فأكرمه، وجاءك خالد فأحسِنْ إليه" وأنَّ أداةَ الشرط مذكورة". وقرأ زيدان علىيّ "حِيط" ثلاثياً.
قوله: ﴿دَعَوُاْ اللَّهَ﴾، قال أبو البقاء: "هو جواب ما اشتمل عليه المعنى مِنْ معنى الشرط، تقديره: لما ظَنُّوا أنهم أُحيط بهم دَعَوُا الله"، وهذا كلامٌ فارغ. وقال الزمخشري: "هي بدلٌ مِنْ "ظنُّوا" لأنَّ دعاءهم مِنْ لوازم ظنَّهم الهلاكَ فهو متلبسٌ به". ونقل الشيخ عن شيخه أبي جعفر أنه جوابٌ لسؤال مقدر، كأنه قيل: فماذا كان حالُهم إذ ذاك؟ فقيل: دَعَوُا الله". و "مخلصين" حال. و "له" متعلقٌ به. و "الدين" مفعوله.
قوله: ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾ اللامُ موطِّئةٌ للقسم المحذوف، و "لنكونَنَّ" جوابه، والقسمُ وجوابهُ في محل نصب بقول مقدر، وذلك القولُ المقدرُ في محلِّ نصبٍ على الحال، والتقدير: دَعَوا قائلين: لئن أَنْجَيْتنا من هذه لنكوننَّ. ويجوزُ ان يُجْرَى "دَعَوا" مُجرى "قالوا"، لأن الدعاء بمعنى القول، إذ هو نوعٌ مِنْ أنواعه، وهو مذهب كوفي.
(٨/١٤٨)
---


الصفحة التالية
Icon