* ﴿ فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿إِذَا هُمْ يَبْغُونَ﴾: جوابُ "لمَّا"، وهي "إذا الفجائية. وقوله: "بغير الحق" حالٌ، أي: ملتبسين بغير الحق. قال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: ما معنى قوله: "بغير الحق" والبغيُ لا يكونُ بحق؟ قلت: بلى وهو استيلاء المسلمين على أرضِ الكفار وهَدءمُ دورِهم وإحراقُ زروعِهم وقَطْعُ أشجارهم، كما فعل رسول الله ﷺ ببني قريظة"، وكان قد فَسَّر البغيَ بالفسادِ والإِمعان فيه، مِنْ "بَغَى الجرحُ: إذا ترامى للفساد". ولذلك قال الزجاج: "إنه الترقّي في الفساد"، وقال الأصمعيُّ أيضاً: "بَغَى الرجحُ: تَرَقَّى إلى الفساد، وبَغَت المرأة: فَجَرَت"، قال الشيخ / "ولا يَصِحُّ أن يُقال في المسلمين إنهم باغُون على الكفرة، إلا إنْ ذُكر أنَّ صلَ البغيِ هو الطلبُ مطلقاً، ولا يتضمَّن الفسادَ، فحينئذ ينقسم إلى طلبٍ بحق وطلب بغير حق"، قلت: وقد تقدَّم أنَّ هذه الآية تَرُدُّ على الفارسي أنَّ "لمَّا" ظرف بمعنى حين؛ لأن ما بعد "إذا" الفجائية لا يَعْمل فيما قبله، وإذ قد فَرَضَ كونَ "لمَّا" ظرفاً لزمَ أن يكونَ لها عاملٌ.
(٨/١٤٩)
---