وقرأ باقي السبعة "متاعُ" بالرفع. وفيه أوجه، أحدُها: - وهو الأظهر - أنه خبرُ "بَغْيكم" و "على أنفسِكم" متعلقٌ بالبغي. ويجوز أن [يكونَ] "عليكم" خبراً، و "متاع" خبراً ثانياً، ويجوزُ أن يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو متاع. ومعنى "على أنفسكم"، أي: على بعضِكم وجنسِكم كقوله ﴿وَلاَ تَقْتُلُوااْ أَنْفُسَكُمْ﴾ ﴿وَلاَ تَلْمِزُوااْ أَنفُسَكُمْ﴾، أو يكونُ المعنى: إنَّ وبالَ البغي راجعٌ عليكم لا يتعدَّاكم كقولِه: ﴿وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا﴾ وقرأ ابنُ أبي إسحاق "متاعاً الحياة" بنصب "متاعاً" و "الحياةَ" فـ"متاعاً" على ما تقدَّم. وأما "الحياة" فيجوز أن تكونَ مفعولاً بها، والناصب لها المصدر، ولا يجوز والحالةُ هذه أن يكونَ "متاعاً" مصدراً مؤكداً لأنَّ المؤكِّد لا يعمل. ويجوزُ أَنْ تنتصبَ "الحياة" على البدل من "متاعاً" لأنها مشتملةٌ عليه.
وقُرىء أيضاً "متاعِ الحياة" بجرِّ "متاع"، وخُرِّجت على النعت لأنفسكم، ولا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ حينئذ تقديرُه: على أنفسكم ذواتِ متاع الحياة، كذا خرَّجه بعضهم. ويجوز أن يكونَ ممَّا حُذِف منه حرفُ الجر وبقي عملُه، أي: إنما بَغْيُكم على أنفسِكم لأجِل متاع، ويدلُّ على ذلك قراءةُ النصب في وجه مَنْ يجعله مفعولاً من أجله، وحَذْفُ حرفِ الجر وإبقاءُ عملِه قليلٌ، وهذه القراءةُ لا تتباعَدُ عنه. وقال أبو البقاء: "ويجوزُ أن يكونَ المصدرُ بمعنى اسم الفاعل، أي: متمتعات" يعني أنه يَجْعل المصدرَ نعتاً لـ"أنفسكم" من غيرِ حَذْفِ مضافٍ بل على المبالغة أو على جَعْلِ المصدر بمعنى اسم الفاعل. ثم قال: "ويَضْعُفُ أن يكونَ بدلاً إذا أمكن أن يُجْعَلَ صفةً"، قلت: وإذا جَعِل بدلاً على ضعفه فمِنْ أيِّ قبيل البدلِ يُجعل؟ والظاهر أنه مِنْ بدل الاشتمال، ولا بد من ضميرٍ محذوفٍ حنيئذ، أي: متاع الحياة الدنيا لها.
وقرىء "فيُنَبِّئَكُم" بياءِ الغَيْبة، والفاعلُ ضميرُ الباري تعالى.
(٨/١٥١)


الصفحة التالية
Icon