قوله: ﴿هَاذَا الْقُرْآنَ﴾ يجوز فيه وجهان، أحدهما: - وهو الظاهرُ - أن ينتصبَ على المفعولِ به بـ"أَوْحَيْنا". والثاني: أن تكون المسألةُ من بابِ التنازع، أعني بين "نَقُصُّ" وبين "أَوْحَيْنا" فإنَّ كلاًّ منهما يطلبُ "هذا القرآن"، وتكونُ المسألةُ من إعمال الثاني، وهذا إنما يتأتَّى على جَعْلِينا "أَحْسَنَ" منصوباً على المصدرِ، ولم نُقَدِّرْ لـ"نَقُصُّ" مفعولاً محذوفاً.
قوله: ﴿وَإِن كُنتَ﴾ إلى آخره تقدَّمه نظيرُه.
* ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ ياأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ﴾: في العاملِ فيه أوجهٌ، أظهرها: أنه منصوبٌ بـ﴿لَ يابُنَيَّ﴾، أي: قال يعقوب: يا بُنَيَّ، وقتَ قولِ يوسفَ له كيت وكيت، وهذا أسهلُ الوجوهِ، إذ فيه إبقاءُ "إذ" على كونِه ظرفاً ماضياً. وقيل: الناسبُ له "الغافلين" قاله مكي. وقيل: هو منصوبٌ بـ"نَقُصُّ"، أي: نَقُصُّ عليك وقتَ قولِه كيت وكيت، وهذا فيه إخراجُ "إذ" عن المضيِّ وعن الظرفية، وإن قَدَّرْتَ المفعولَ محذوفاً، أي: نَقُصُّ عليك الحالَ وقتَ قولشه، لزم إخراجها عن المُضِيّ. وقيل: هو منصوبٌ بمضمر، أي: اذكر. وقيل: هو منصوب على أنه بدلٌ مِنْ "أَحْسَنَ القصص" بدلُ استمال. قال الزمخشري: "لأنَّ الوقتَ يَشْمل على القصص وهو المقصوص".
قوله: ﴿ياأَبتِ﴾ قرأ ابن عامر بفتح التاء، والباقون بكسرِها. وهذه التاءُ عوضٌ من ياء المتكلم، ولذلك لا يجوز الجمعُ بينهما إلا ضرورةً، وهذا يختصُّ بلفظتين. يا أبت، ويا أَمَتِ ولا يجوز في غيرهما من الأسماء لو قلت: "يا صاحِبَتِ" لم يَجُز البتة، كما اختصَّتْ لفظةُ الأمِّ والعمِّ بحكمٍ في نحو "با بن أُمّ". ويجوز الجمعُ بين هذه التاءِ وبين كلٍ مِنَ الياءِ والألفِ ضرورةً كقوله:
٢٧٣٤ - يا أَبَتا عَلَّكَ أو عَساكا
وقول الآخر:
(٨/٣٨٣)
---


الصفحة التالية
Icon