قوله: ﴿مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ يجوز أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ "مُعَقِّبات" ويجوزُ أَنْ يعتلَّق بمعقِّبات، و "مِنْ" لابتداء الغاية، ويجوز أن يكونَ حالاً من الضمير الذي هو في الظرف الوقاع خبراً. والكلامُ على هذه الأوجهِ تامٌّ عند قوله ﴿وَمِنْ خَلْفِهِ﴾. وعَبَّر أبو البقاء عن هذه الأوجهِ بعبارةٍ مُشْكلة هذا شَرْحُها، وهي قولُه: ﴿مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ يجوز أن يكونَ صفةً لمعَقِّبات، وأن يكون ظرفاً، وأن يكونَ حالاً مِنَ الضميرِ الذي فيه، فعلى هذا يتم الكلامُ عنده". انتهى.
ويجوز أَنْ يتعلَّق بـ "يحفظونه"، أي: يحفظونه مِنْ بينِ يديه ومِنْ خلفِه. [فإن قلت: كيف يتعلَّق حرفان] متحدان لفظاً ومعنى بعاملٍ واحد: وهما "مِنْ" الداخلةُ على "بين" و "مِنْ" الداخلة على "أمْرِ الله"؟ فالجواب أنَّ "مِنْ" الثانيةَ مغايرةٌ في المعنى كما ستعرفه.
قوله ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾ يجوز أن يكونَ لـ "مُعَقِّبات"، ويجوز أن يكونَ حالاً من الضميرِ المستكنِّ في الجارِّ الواقعِ خبراً. و ﴿مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ متعلقٌ به، و "مِنْ": إمَّا للسبب، أي: بسبب أمرِ الله، -ويدلُّ له قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس وزيد بن علي وعكرمة "بأَمْرِ الله". وقيل: المعنى على هذا: يحفظون عملَه بإذن الله، فحذف المضافَ- وإمَّا أن تكونَ على بابها. قال أبو البقاء: "مِنْ أَْمْرِ الله، أي: من الجنِّ والإنس، فتكون "مِنْ" على بابها". يعني اَنْ يُرادَ بأمر الله نفسُ ما يُحْفَظُ منه كَمَرَدة الإنس والجنِّ، فتكون "مِنْ" لابتداء الغاية. وجَوَّز أيضاً أن تكونَ بمعنى "عن"، وليس عليه معنىً يليقُ بالآية الكريمة.
(٩/١٠٥)
---


الصفحة التالية
Icon