حِذاراً على أن لا تُنال مَقَادَتي * ولا نِسْوتي حتى يَمُتْنَ حَرائِرا
فـ "حِذاراً" مفعولٌ من أجله، وفاعلُه هو المتكلم، والفعل المُعَلِّل الذي هو "حَلَّتْ" فاعلُه "بيوتي"، فقد اختلف الفاعل. قالوا: لكن لمَّا كان التقدير: وأَحْلَلْتُ بيوتي حِذاراً صَحَّ ذلك.
وقد جوَّز الزمخشري: ذلك أيضاً على حَذْفِ مضاف فقال: "إلاَّ على تقدير حَذْفِ المضاف، أي: إرادةَ خوفٍ وطَمَع". وجوَّزه أيضاً على أنَّ بعضَ المصادر ناب عن بعض، يعني: ان الأصلَ: يُريكم البرقَ إخافةً وإطماعاً؛ فإنَّ المُرْئِيَّ والمُخِيفَ والمُطْمِعَ هو اللهُ تعالى، وناب "خوف" عن إخافة، و "طمع" عن إطماع نحو: ﴿أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً﴾ على أنه قد ذهب جماعةٌ منهم ابنُ خروفٍ إلى أنَّ اتحادَ الفاعل ليس بشرطٍ.
* ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ﴾: يجوز أن تكون الجملةُ مستأنفةً أخبر عنهم بذلك، ويجوز أن تكونَ حالاً. وظاهر كلام الزمخشري أنها حالٌ مِنْ مفعول "يَصيب"، فإنه قال: "وقيل: الواوُ للحال، [أي: فيصيب بها مِنْ يشاء في حالِ جِدالِهم"]، وجعلها غيرُه حالاً من مفعول "يشاء".
قوله: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [هذه الجملة حالٌ من الجلالة] الكريمة، ويَضْعُفُ استئنافُها. وقرأ العامَّةُ بكسر الميم، وهو القوة والإهلاك، قال عبد المطلب:
٢٨٤٨- لا يَغْلِبَنَّ صَلِيْبُهُمْ * ومِحالُهم عَدْواً مِحالَكْ
وقال الأعشى:
٢٨٤٩- فَرْعُ نَبْعٍ يهتزُّ في غُصًنِ المَجْـ * ـدِ عظيمُ النَّدَى شديد المِحالِ
(٩/١٠٧)
---