* ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلاائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوااْ أَنَّهُ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ ﴾
قوله تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلاائِكَةَ﴾: قد تقدَّم الخلافُ في "يُنَزِّل" بالنسبة إلى التشديدِ والتخفيفِ في البقرة. وقرأ زيدُ بن علي والأعمشُ وأبو بكر عن عاصم "تَنَزَّلُ" مشدداً مبنياً للمفعول وبالتاءِ مِنْ فوقُ، "الملائكةُ" رفعاً لقيامِه مَقامَ الفاعلِ وقرأ الجحدريُّ كذلك، إلا أنه خَفَّف الزايَ. وقرأ الحسنُ والأعرجُ وأبو العالية والمفضَّل عن عاصم "تَنَزَّلُ" بتاءٍ واحدةٍ مِنْ فوقُ، وتشديدِ الزايِ مبنياً للفاعل، والأصلُ: "تَتَنَزَّل" بتاءَيْن. وقرأ ابنُ أبي عبلة "نُنَزِّلُ" بنونينِ وتشديدِ الزايِ، "الملائكةَ" نصباً، وقتادةُ كذلك إلا انه بالتخفيف. قال/ ابن عطية: "وفيهما شذوذٌ" ولم يُبَيِّن وجهَ ذلكن ووجهُه: أنَّ ما قبله وما بعده مضمرٌ غائبٌ، وتخريجُه على الالتفات.
قوله: "بالرُّوْحِ" يجوز أن يكونَ متعلقاً بنفس الإنزال، وأن يكونَ متعلقاً بمحذوفٍ على أنه حالٌ من الملائكة"، أي: ومعهم الروحُ.
قوله: ﴿مِنْ أَمْرِهِ﴾ حالٌ من "الرُّوحِ". و "مِنْ": إمَّا لبيانِ الجنسِ، وإمَّا للتبعيضِ.
قوله: ﴿أَنْ أَنْذِرُوااْ﴾ في "أَنْ" ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها المُفَسِّرةُ؛ لأنَّ الوحيَ فيه ضَربٌ من القولِ، والإنزالُ بالروحِ عبارةٌ عن الوحيِ. الثاني: أنها المخففةُ مِنَ الثقيلة، واسمُها ضميرُ الشأنِ محذوفٌ تقديره: أنَّ الشأنَ أقولُ لكم: إنه لا إله إلا أنا، قاله الزمخشريُّ: الثالث: أنها المصدريةُ التي من شأنِها نصبٌ نصبُ المضارع ووُصِلَتْ بالأمر كقولهم: "كتبت إليه بأنْ قُمْ"، وقد مضى لنا فيه بحثٌ.
(٩/٢٢٤)
---