قوله: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ﴾ فيه وجهان، أحدهما: أنَّ "مِن" مزيدةٌ، وهو قولُ الأخفش، أي: وأوزار الذين على معنى: ومثل أوزارِ، كقولِه: كان عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَنْ عَمِل بها". والثاني: أنها غيرُ مزيدةٍ وهي للتبعيضِ، أي: وبعض أوزار الذينز وقدَّر أبو البقاء مفعولاً حُذِف وهذه صفتُه، أي: وأوزاراً مِنْ أوزارِ، ولا بدَّ مِنْ حذف "مثل" أيضاً.
وقد منع الواحديُّ أن تكونَ "مِنْ" للتبعيض قال: "لأنه يَسْتلزِمُ تخفيفَ الأوزارِ عن الأتباع، وهو غيرُ جائزٍ لقوله عليه السلام "من غير أن ينقصَ من أوزارهم شيءٌ" لكنها للجنس، أي: ليحملوا من جنس أوزارِ الأتباع". قال الشيخ: "والتي لبيانِ الجنسِ لا تتقدَّر هكذا، إنما تقدَّر: والوزار التي هي أوزارُ اذين، فهو من حيث المعنى كقول الأخفش، وإن اختلفا في التقدير".
قوله: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ حالٌ، وفي صاحبِها وجهان، أحدُهما: أنه مفعولٌ "يُضِلُّونهم"، أي: يُضِلُّون مَنْ لا يعلم أنهم ضُلاَّلٌ، قاله الزمخشري. والثاني: أنه الفاعل، ورُجِّح هذا بأنه هو المُحدَّث عنه. وقد تقدَّم الكلامُ في إعرابِ نحو "ساءَ ما يَزِرون"، وأنها قد تجري مَجْرى بِئْس.
* ﴿ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿مِّنَ الْقَوَاعِدِ﴾ يجوز أن يتعلَّقَ بـ "خَرَّ" وتكون "مِنْ" لابتداءِ الغاية، أي: من ناحيةِ القواعدِ، أي: أتى أمرُ الله وعذابُه.
(٩/٢٣٩)
---