قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ﴾: يجوز أن يكونَ الموصولِ مجرورَ المحلِّ نعتاً لِما قبله، أو بدلاً منه، أبو بياناً له، وأن يكونَ منصوباً على الذمِّ، أو مرفوعاً عليه، أو مرفوعاً عليه، أو مرفوعاً بالابتداء، والخبرُ قولُه ﴿فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ﴾ والفاءُ مزيدةٌ في الخبر، قاله ابن عطية، وهذا لا يجيْءُ إلاَّ على رأي الأخفش في إجازته زيادةَ الفاء في الخبر مطلقاً، نحو: "زيد فقام"، أي: قام. ولا يُتَوَهَّم أن هذه الفاءَ هي التي تدخل مع الموصولِ المتضمِّنِ معنى الشرط؛ لأنه لو صُرِّح بهذا الفعلِ مع أداةِ الشرط لم يَجُزْ دخولُ الفاء عليه، فما ضُمِّن معناه أَوْلَى بالمنع، كذا قاله الشيخ، وهو ظاهر. وعلى القولِ الأخيرِ لا يكنُ داخلاً فيه.
وقرأ "يَتَوَفَّاهُمْ" في الموضعين بالياء حمزة، والباقون بالتاء مِنْ فوق، وهما واضحتان ممَّا تقدَّم في قوله ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلاائِكَةُ﴾ "فناداه". وقرأت فرقةٌ بإدغام إحدى التاءين في الأخرى، في مصحفِ عبد الله "تَوَفَّاهم" بتاءٍ واحدة، وهي مُحْتَمِلةٌ للقراءةِ بالتشديد على الإدغام، وبالتخفيفِ على حَذْفِ إحدى التاءَيْن.
و ﴿ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ حالٌ مِنْ مفعولِ "تَتَوَفَّاهم" و "تَتَوَفَّاهم" يجوز أن يكونَ مستقبلاً على بابه إن كان القولُ واقعاً في الدنيا، وأن يكونَ ماضياً على حكاية إن كان واقعاً يوم القيامة.
(٩/٢٤٢)
---