وقرأ أبو رجاء "يُسْقِيْكم" بضمِّ الياء من أسفلَ وفي فاعلِه وجهان، أحدُهما: هو الله تعالى، الثاني: أنه ضميرُ النَّعَمِ المدلولِ عليه بالأنعامِ، أي: نَعَماً يُجْعَلُ لكم سُقْيا. وقُرئ "تًسْقيكم" بفتح التاء من فوق. قال ابن عطية: "وهي ضعيفةٌ". قال الشيخ: "وضَعْفُها عنده - والله أعلمُ- أنه أنَّثَ في "تِسْقِيْكم"، وذَكَّر في قوله ﴿مِّمَّا فِي بُطُونِهِ﴾، ولا ضَعْفَ مِنْ هذه الجهةِ؛ لأنَّ التذكيرَ والتأنيثَ باعتبارين". قلت" وضَعْفُها عنده من حيث المعنى: وهو أنَّ المقصودَ الامتنانُ على الخَلْقِ فنسبةُ السَّقْيِ إلى اللهِ تعالى هو الملائِمُ، لا نِسْبتُه إلى الأنعام.
قوله: "مِّمَّا فِي بُطُونِهِ" يجوز أن تكونَ "مِنْ" للتبعيض، وأن تكونَ لابتداءِ الغاية. وعاد الضميرُ هنا على الأنعام مفرداً مذكراً. قال الزمخشري: "ذكر سيبويه الأنعامَ في باب "ما لا ينصرف" في الأسماءِ المفردةِ الواردةِ على أَفْعال كقولهم: ثوبٌ أَكْياش، ولذلك رَجَع الضميرُ إليه مفرداً، وأمَّا "في بطونها" في سورة المؤمنين فلانَّ معناه جمع. ويجوز أن يُقال في "الأنعام" وجهان، أحدهما: أن يكون تكسير "نَعَم" كأَجْبال في جَبَل، وأن يكون اسماً مفرداً مقتضياً لمعنى الجمع [كَنَعم]، فإذا ذُكِّرَ فكما يُذكَّرُ "نَعَم" في قوله:
٢٩٩١- في كل عام نَعَمٌ تَحْوُوْنَهُ * يَلْقِحُه قومٌ وتَنْتِجُونَهْ
وإذا أُنِّثَ ففيه وجهان: أنه تكسير "نَعَم"، وأنَّه في معنى الجمع".
(٩/٢٧١)
---